بدعوة من مجموعة «أكاديميون مثقفون» أقيمت مساء يوم السبت في الثالث عشر من آذار الحالي, ندوة «عن بُعد» عبر تطبيق «زووم» تحت عنوان «تراث بيروت, ذاكرة المكان» حاضر فيها رئيس «جمعية تراثنا بيروت» الدكتور سهيل منيمنة وأجاب عن أسئلة الحضور عن كل ما يتعلق بتراث بيروت وأدار الندوة الدكتور نزيه خياط.
وسوف ينشر قريبا فيديو مختصر عن الندوة, للاستفادة من كل ما ورد فيها من معلومات وأفكار ومداخلات قيّمة.
بدأ الدكتور نزيه خياط بالترحيب بالحضور «عن بُعد» وقدّم تعريفا سريعا عن «جمعية تراثنا بيروت» ودورها في المحافظة على تراث المدينة «المهدّد جديّا بالانقراض والتشويه والتعديل والتزييف», ثم قدّم نبذة عن سيرة الدكتور سهيل منيمنة وإنجازاته في المجالين الطبي وفي خدمة التراث البيروتي مع زملائه في الجمعية.
ثم تحدث الدكتور منيمنة باختصار عن أهمية هذا النوع من اللقاءات التي تضيء على غنى وعظمة هوية بيروت مؤكدا على ان الحفاظ على التراث هو حفاظ على الهوية, ثم عُرض فيلم من سلسلة «ذكريات بيروتية» بصوت زياد دندن.
ثم عرض الدكتور منيمنة عرضا لمراحل تأسيس الجمعية ودورها وأهدافها والمشاريع التي تعمل على تنفيذها ومنها توثيق كل ما يمتّ الى تراث بيروت المادي والمعنوي, وتكريم الأعلام في تاريخ بيروت, وتنظيم رحلات لطلاب المدارس لتعريفهم بتاريخ المدينة ومعالمها الأثرية وعملها الدؤوب والجديّ لإقرار «يوم تراث بيروت» رسميا.
ثم تحدث منيمنة عن معالم بيروت القديمة ومن حولها السور والأبراج وتمدّدها مع مرور الزمن خارج السور وتوسّعها الى المناطق المجاورة والتلال التي تحيط بها.
وبعد أن قدّم وصفا للبيت البيروتي التقليدي القديم وتصميمه ومخططه وأقسام خدماته, تحدث عن اللوحات الفنية التي أرّخت سابقا وتؤرّخ حاليا للبيت البيروتي, وتقاليد وعادات البيارتة الذين عاشوا فيه وصنعوا ذكرياتهم بين جدرانه وفسحاته.
كما عرض لائحة بأسماء كتب لرحّالة ومسافرين أجانب ممن أرّخوا ووصفوا كل ما رأوه خلال زياراتهم أو مرورهم ببيروت, فأصبحت مراجع للإطّلاع على هذا الماضي بكل تفاصيله, وأيضا كتب لمؤلفين لبنانيين وبيارتة أعادت للحاضر ذكريات الماضي وصورة بيروت الرائعة في التاريخ.
وفي مداخلة لها, تحدثت السيدة انعام خالد عن غنى المواد التي تنشرها الجمعية على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي, وأهمية وضعها بمتناول الجميع من المهتمين والمغتربين والباحثين.
ثم عُرض احدى حلقات سلسلة «بيروت في الكتب القديمة» التي يعدّها ويخرجها نبيل شحادة كمثال عن الأعمال التوثيقية بالصوت والصورة, وفيلم آخر بعنوان «بيوت بيروت» من نص وإلقاء انعام خالد وتصوير وإخراج علي غلاييني.
بعد ذلك، كان هناك وقفة مع الأشجار التي اشتهرت بها بيروت وزيّنت بيوتها وطرقاتها ومزارعها وتحدث المهندس محمود فقيه في مداخلة عن شجرة الجمّيز ووجودها في بيوت البيارتة وتوفيرها لفضاء إضافي لبيوتهم حيث كانت نشاطات بيتية كثيرة تحدث تحتها وفي ظلالها.
الدكتور منيمنة دعا أيضا جميع المختصين والمهتمين بالتراث عموما, كل في منطقته اللبنانية الى تأريخ وتوثيق وحفظ كل ما يمتُّ الى تراثهم وماضيهم, ووصف علاقة أهالي بيروت تاريخيا بالمناطق المحيطة بهم بأنه غلب عليها الود والمحبة والتآلف والتعاون, مشيرا الى أن عددا كبيرا من متابعي صفحات «جمعية تراث بيروت» هم من كل المناطق اللبنانية.
ثم تحدث الدكتور خيّاط في مداخلة عن أهمية الأرشيف العثماني في تركيا, الذي يؤرّخ لتفاصيل تاريخية ومهمة في سبعة وأربعين بلدا, داعيا المختصين الى ضرورة تعلّم اللغة العثمانية القديمة والنهل من هذا الأرشيف كي لا يبقى أي فجوات في ذاكرتهم الجماعية وربطها بتاريخهم وحاضرهم.
وردا على سؤال أجاب الدكتور منيمنة انه في بيروت وبعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 كان يوجد 1061 مبنى تراثيا فيما اليوم لم يبقَ سوى حوالي 200 مبنى.
ثم تحدث الأستاذ زياد دندن في مداخلة له عن نشاطات «جمعية تراثنا بيروت» ومساهماتها وحضورها في وسائل الإعلام المحلية والعربية, وأشار الى حساسية بعض قنوات التلفزيون اللبنانية سلبيا تجاه كل ما يتعلق ببيروت وتاريخها.
وعقّب الدكتور خيّاط بكلمة عن الإعلام اللبناني واصفا محتواه بأنه سلعة تافهة وفَقدَ طابعه التوجيهي والجيد والرصين, إضافة الى العوامل الفئوية والسياسية والطائفية التي تحكمه.
ثم ختم الندوة بشكر الدكتور منيمنة على الندوة التي قدّمت إطلالة قيّمة وغنية على دور الجمعية مع الأمل بالتواصل في محطات أخرى وأكثر تخصصية لها طابع الارتباط بذاكرة المكان.