مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية 1878 – 1935

سهيل منيمنة*

مع بداية العام الدراسي 2023-2024، نستذكر إنجازات جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في ريادتها الأولى للنهضة التعليمية في العاصمة بيروت منذ تأسيسها.

مدارس الجمعية في فترة التأسيس:

في سنة 1880 صدر «الفجر الصادق» الذي تضمن البيان التأسيسي للجمعية وبيان أعمال الجمعية في كل سنة. كان ذلك يوم الأربعاء غرة شعبان 1295هـ/ 31 تموز 1878م برئاسة الشيخ عبد القادر القباني. جاء في بيان الجمعية الأول (الفجر الصادق) «.. فأخذنا في أول الأمر نبحث عن الأشدّ لزوماً لطائفتنا فوجدنا أن أحسن وسيلة لنشر المعارف هو تعليم الإناث منها طرق التربية وما يحتجن إليه من العلوم والصنائع، إذ هنَ المربيات الأول وعلى تقدمهن المعول، فتذاكرنا بافتتاح مدرسة لهنّ». وكانت أول مدرسة للجمعية أقيمت في شهر تشرين الأول 1878م هي «مدرسة البنات الإبتدائية الأولى» في بيت قريعة بمنطقة الباشورة وانتقلت بعد فترة يسيرة إلى الدار التي يملكها الحاج محمد بيضون في نفس المنطقة.

كانت هذه المدرسة تضم 330 تلميذة ومدير وستة معلمات وخادمة واحدة وحارس (بواب) واحد. تقاضى كل هؤلاء 5833 قرشاً في الفترة من تشرين الأول 1878 إلى كانون الأول 1879 بعد دفع أجار المدرسة البالغ 433 قرشاً ودفع ثمن التجهيزات البالغ 2926 قرشاً (طاولات وبنوك وخلافه). وفي أعمال السنة الرابعة تم دفع 4000 قرشاً بدل إيجار المدرسة عن سنة وشهرين.

وفي العام 1879، وبعد عام واحد على نشأة مدرسة البنات الإبتدائية الأولى في بيروت، قامت الجمعية بإنشاء مدرسة لها في مدينة صيدا. 

فترة رئاسة حسن محرّم

في العام 1879 تم انتخاب حسن محرّم رئيسا للجمعية واستمر في منصبه إلى العام 1882. وفي فترة رئاسته افتتحت «مدرسة البنات الإبتدائية الثانية» يوم 6 حزيران 1879 في سوق المنجدين (شارع المصارف اليوم) في دار آل البربير وبإيجار سنوي قدره 2500 قرشاً بإدارة الآنسة هاجر المير وخمس معلمات ومدرّس للدين هو الشيخ سلامة وانتسب إليها عند افتتاحها 200 تلميذة.

بلغت رواتب المعلمات والمديرة والخادمة والبواب 2403 قروش من شهر أيار إلى شهر تشرين الثاني من تلك السنة، وكانت قيمة التجهيزات 2936 قرشاً.

وفي شهر أيلول من العام 1879 أنشأت أول مدرسة للذكور للجمعية هي «مدرسة الذكور الإبتدائية الأولى» في سوق البازركان (شرقي جامع الأمير منذر المعروف بجامع النوفرة) وكان عدد التلاميذ 118 صبياً وثلاثة معلمين فقط هم الشيخ عبد الله طبارة براتب شهري قدره 115 قرشاً، ومعلم للخط والحساب براتب شهري 150 قرشاً والثالث لتعليم القرآن الكريم والعبادات براتب شهري 200 قرش، يعاونهم خادم واحد براتب شهري 60 قرشاً.

وافتتحت الجمعية «مدرسة الذكور الإبتدائية الثانية» يوم 15 كانون الأول 1879 في الطابق الثاني من المكتب السلطاني في الباشورة (لاحقاً مبنى ثانوية المقاصد للبنات منذ عام 1926). وكان عدد التلاميذ عند افتتاحها 118 والمعلمين أربعة إضافة إلى خادم واحد. ارتفع العدد بعدها إلى 164 تلميذاً وخمسة معلمين.

يذكر أنه خلال ولاية حسن محرم تم إرسال خمسة طلاب لدراسة الطب في مدرسة القصر العيني بالقاهرة وخصصت لكل منهم منحة شهرية قدرها 50 قرشاً علاوة على ما يعطى لهم من المرتبات المدرسية. وفي ميزانية أعمال السنة الأولى تم دفع 2778 قرشاً نفقات سفر الطلاب الخمسة تتضمن ثمن ملابس لهم. وفي ميزانية أعمال السنة الرابعة تم دفع 1501 قرشاً كمرتبات لهم إضافة إلى 153 قرشاً كنفقات متفرقة عليهم. وفي ولايته أيضاً تم إرسال عشرة أيتام للتعلم بمدرسة الصنائع في دمشق كما قامت الجمعية بتسهيل متابعة الدراسة المتوسطة والثانوية لستة وعشرين تلميذاً. ناهيك عن تقديم الخدمات الصحية للمحتاجين في بيروت والمناطق.

وفي أعمال السنة الرابعة الصادرة في «الفجر الصادق» عام 1883 تم وضع أرقام الميزانية للسنة الرابعة التي بلغت فيها الواردات 303324 قرشاً والنفقات 145014 قرشاً بوفر مالي في الصندوق بقيمة 158309 قرشاً.

فترة التوقف

توقف دور الجمعية طيلة 26 سنة من 1882 إلى 1908.

رئاسة سليم علي سلام (1909-1913)

مرحلة تطوير المدارس. وفي العام 1910 كان للجمعية أربع مدارس نهارية تضم 560 تلميذاً وتلميذة. الأولى في السمطية فوق المخازن، والثانية في رأس بيروت، والثالثة في سوق البازركان، والرابعة في رأس النبع.

وفي مطلع العام 1912 كانت واردات الجمعية 180 ألف قرش.

رئاسة عمر الداعوق الأولى (1913-1914)

في هذه الفترة تم ضم الجمعية إلى المجلس العمومي بعد قرار الحكومية العثمانية بذلك بسبب اندلاع الحرب.

رئاسة الشيخ مصطفى نجا (1918-1932)

منذ عام 1919 أصبحت جميع المقابر الإسلامية في عهدة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية.

في العام 1920 تأسست مدرسة فاطمة الزهراء في منطقة رأس النبع قبل أن تستقر في منطقة المصيطبة. وفي سنة 1912 تم تأسيس أول مدرسة إبتدائية في حرش بيروت تحت إسم «فيصل الأول»، وتم صرف مبلغ ألفي ليرة سورية لعمر الداعوق من أجل إنجاز هذه المدرسة التي عرفت بإسم «مدرسة البنين الأولى» وكانت النواة لتأسيس أول كلية مقاصدية للبنين سنة 1930.

بلغت أقساط كلية البنين للعام الدراسي 1933-1934 مبلغ 600 قرش ذهبي للقسم الثانوي و500 للقسم التكميلي و300 إلى 400 قرش للقسم الإبتدائي.

في مطلع العام 1922 كانت إيرادات الجمعية نحو 9 آلاف ليرة عثمانية. وتأسست في هذه السنة مدرسة أبي بكر الصديق في محلة القنطاري وهي التي عرفت بإسم مدرسة البنين الثانية.

وصباح السبت 16 تشرين الأول تم افتتاح المدرسة السلطانية في الباشورة وحملت إسم «مدرسة البنات الكبرى لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية». وكانت الدراسة فيها للمرحلة المتوسطة (البريفيه) والأقساط تتراوح بين 200-400 قرش ذهبي فضلاً عن رسم التسجيل البالغ 25 قرشاً ذهبياً، ورسم المختبر للقسم الثانوي 18 قرشاً ذهبياً. وكان راتب المعلمة فيها ست ليرات ذهبية أو ثلاثين ليرة لبنانية.

في العام 1931 تأسست مدرستان هما: مدرسة الفاروق عمر بن الخطاب في الطريق الجديدة، ومدرسة عثمان بن عفان ذي النورين في رأس النبع.

في العام 1932 تأسست مدرسة «عائشة أم المؤمنين» في محلة قصقص.

وفي ولاية عمر الداعوق الثانية تأسست مدرسة خديجة الكبرى عام 1935 للتعليم المجاني. وعام 1940 بلغ عدد التلميذات 452 تشرف عليهن 14 معلمة، وارتفع العدد في السنة الدراسية 1952-1953 إلى 600.

هذه المقالة اقتصرت على ريادة الجمعية في بيروت، ولا بد من الإشارة إلى أن نور منارتها التربوية والاجتماعية والصحية وصل إلى العديد من المدن والبلدات اللبنانية في مختلف المناطق. وأختم مع بيتين من قصيدة للشاعر سامي بروم التي عنونها «مقاصدي» قال فيها:

حيّ المقاصد مهد العلم والأدب.. حيّ المروءة في أبنائها النُجب

حسب المقاصد فخراً أن يلوذ بها.. شُمّ الأنوف ذوو الأفضال والنسب

إن المقاصد صرحٌ لا نظير له.. حصن المحبة للأعجام والعربِ.

**

المصادر والمراجع عديدة متوفرة لمن يرغب.

المصدر الرئيسي: جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت للدكتور عصام شبارو.

الصورة: مجموعة المؤرخ حسان حلاق رحمه الله

________

* رئيس جمعية تراثنا بيروت

[email protected]

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website