الإرسالية الألمانية والمستشفى البروسي

زكريا الغول*

كانت بروسيا تعتبر أهم وأقوى الدول الألمانية ، قبل إعلان الوحدة الألمانية عبر أوتو فون بسمارك في 18 كانون الأول من العام 1871 .

وقبل تحقيق الوحدة الألمانية ، قامت الجماعة الإنجيلية الألمانية بإفتتاح مدرسة في رأس بيروت ، وتم إطلاق إسم “المدرسة البروسية ” عليها ، وذلك في العام 1859 ، لم تتمكن المدرسة من إجتذاب إهتمام العائلات الألمانية المقيمة في بيروت ، لأنهم فضلوا إرسال أولادهم للتعلم في المدارس الأميركية والإنكليزية ، لتقفل المدرسة أبوابها في العام 1868 ، لتعود وتفتح أبوابها في العام 1880 ، أي بعد تسع سنوات من إعلان الوحدة الألمانية ، مع وصول الراهب غوتفريد شفارتز لتعرف بإسم ” المدرسة الألمانية ” ، لكنها عادت وأقفلت في العام 1887 ، وتوزع تلاميذها على سائر المدارس الأجنبية في بيروت .

وكانت شماسات جمعية كيزر زوث الإنجيلية ، قد أسست دار الأيتام zoar waisenkaus  في العام 1862 ، وكانت عبارة عن مدرسة مجانية ، يتم فيها تدريس اللغات الألمانية والإنكليزية والعربية ، فضلاً عن إيواء الأيتام ، وكان مقر دار الأيتام يقع في محلة ميناء الحصن وتحديداً في الشارع الذي سمي لاحقاً بإسم شارع البطريرك الحويك .

كما أسس الألمان مدرسة البنات العالية في العام 1862 ، وكانت غير مجانية ، وتخرج منها حتى العام 1912 حوالي 1646 طالباً .

كما قام الألمان أيضاً بتأسيس المستشفى البروسي ، الذي تاسس بداية في العام 1862 ، على يد فرسان القديس يوحنا ، وإلحق به صيدلية ومستوصف ، وفي العام 1866 ، بدأ تشييد بناء جديد للمستشفى فوق قطعة أرض كبيرة في محلة عين المريسة منحتها الدولة العثمانية على شكل هبة ، ليتم تدشين المستشفى في العام 1867 ، وبعد تحقيق الوحدة الألمانية ، اصبح يعرف بإسم المستشفى الألماني ، كما عرف أيضاً بإسم مستشفى مار يوحنا نسبة الى فرسان القديس يوحنا التي تعاونت مع أطباء الكلية السورية الإنجيلية لتأمين إستمراره مقابل إعتباره مركزاً لتدريب طلاب الطب في الكلية ، وكان يقبل على هذا المستشفى الفقراء من مختلف المناطق، وكانت المعاينة مجانية، في حين كانت الراهبات تعتني بالمرضى وبنظافة الغرف. وكانت رئيسته في أواخر القرن التاسع عشر السيدة لويزا، وفي هذا المستشفى خدم العلامة الفيلسوف الدكتور فان ديك السنين الطوال، ونال من إمبراطور ألمانيا أعلى نيشان يهبه جزاء فضله وأمانته، وكان يشاهد ويطبب في السنة أكثر من اثني عشر ألف مريض. وكذلك العلامة الفاضل الدكتور يوحنا ورتبات وذلك مجاناً لوجه الله. ويرد على محل المعالجة (كلينيك) اليومية ألوف من المرضى في السنة. وكان يطبب فيه أساتذة القسم الطبي في المدرسة الكلية. بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى ، إحتل الجبش الفرنسي المستشفى الألماني ، وما لبثت أن تحولت ملكيته الى الدولة الفرنسية ، وإتخذته مركزاً لسفارتها في بيروت بعد الإستقلال .

________

*محامٍ وماجستير في التاريخ/ عضو جمعية تراثنا بيروت

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website