كانت الفواخير تقوم على طول الساحل اللبناني وكان لبيروت نصيب منها حتى أن إحدى المحلات كانت تعرف بمحلة الفاخورة وكانت تقع إلى الغرب من محلة الشيخ رسلان شمالي الجامع العمري الكبير وإلى الساحل وصولاً لسور المدينة الغربي عند جامع المجيدية. وآخر فاخوريتين عرفتهما بيروت كانت الأولى في عين المريسة (على ميناء الفاخورة وهو ميناء الصيادين اليوم) والثانية جنوب الحمام العسكري لصاحبها مصطفى الفاخوري.
كانت هذه الفواخير تصنع الأدوات المنزلية كالجرة والابريق والدوبك والنعارة والدورة والمقلة والسلطانية والحافقية والمعجن والخابية والقدور بمختلف أنواعها وأحجامها وكانت كلما كسرت الزوجة أو الأولاد شيئاً منها “يبربس” أبو الأولاد ويقول بغيظ: “لولا الكاسورة ما عمرت الفاخورة” وهو مشابه بمعناه للقول المأثور “مصائب قوم عند قوم فوائد”.
وقد شبه البيارتة قديماً الزعيم أو المدير صاحب الأمر والنهي بالفاخوري فقالوا: “الفاخوري بيركّب دينة الجرة وين ما بدو” إشارة إلى أن الفاخوري يضع دينة الجرة اعتباطاً أينما أراد.
ومن البديهي أن الفخار يتكسر عند ارتطامه ببعضه وخاصة أثناء النقل والتخزين. ولقلة قيمته المادية وسعره البخس كان يقال للقوم الذين لا يأبه لهم عندما يتعاركون “فخار يكسر بعضه”!
________
*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت