تشير أرجح الروايات إلى أن اصل الأرجيلة من الهند، ثم انتقلت إلى شبة الجزيرة العربية من خلال خطوط التجارة المفتوحة مع الهند. ثم انتشرت في بلادنا منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي.
أما الإسم “أرجيلة” فهو لفظ محرف عن كلمة النارجيل الفارسية و التي تعني جوز الهند, وكانت تصنع من أحداث ثقبين في ثمار جوز الهند أحدهما لدخول الدخان والآخر لخروجة من خلال أنابيب تثبت في هذه الفتحات، وهذا ما يفسر تسمية “الجوزة” في مصر والتي تعد شكل من أشكال الأرجيلة.
وكان البيارتة قديماَ يدخنون التبغ بقصبة تعرف بالجبق شبيهة بالغليون المعروف. ولم تقتصر على فئة معينة بل انتشرت في معظم المقاهي والبيوت، رجالاً ونساءً، وفي صورة رفعناها للوجيهة البيروتية السيدة نازك سعد الدين كريدية سنة 1880 على ألبوم “ناس وأحداث” على هذه الصفحة تبدو فيها إلى جانبها أركيلة جميلة يتصاعد منها دخان. والوجهاء من البيارتة كانوا يغالون في إكرام الأركيلة فيجعلون قصبتها من عود الياسمين ربما بلغ طولها ثلاثة أو أربعة أذرع، وفي فم القصبة حلمة عظيمة من “الكهربا” وهو الكهرمان وربما رصعت بالأحجار الكريمة أيضاً.
وبعد ذلك صار الناس يستعملون اللفافات الورقية بدل القصبات، وراج أنواع متعددة كان أقدمها نوع أوروبي يجلبه مخزن الكف الأحمر بسوق الطويلة، وبعدها ورق بنفسج بيروت وورق قطر الندى وورق الطاووس التي كان يستوردها مصباح الغندور وشركاه ويروجوا لها، واستورد سلطاني ونجا ورق نباتي اسمه ورد الجنائن، واستورد آل بيهم من أميركا ورق “الأمريكاني المشرشر”. أما ورق الشام فقد اكتسح السوق ولا يزال يوجد منه حتى يومنا هذا.
أما “تطور” تدخين المعسل في بيروت فقد بدأ عندما قام بعض المدخنين باستعمال الأرز الأبيض بدل التنباك فيغسلونه بالماء ثم يعمرّوا رأس الأركيله به. ثم لجأ البعض إلى استعمال عرق السوس المدقوق لأنه يمتاز على التنباك والأرز من جهة حلاوته وطيب رائحته فكثر استعماله وصار عرق السوس يباع عند باعة التنباك. أما المبتكرون من مدخني الأركيلة فلم يفتهم مزج مقدار ثلث من اليانسون والثلثين من عرق السوس.
فيكون البيارتة قد سبقوا العالم في تدخين المعسل بحوالي 100 عام!
________
*مؤسس/رئيس جمعية تراثنا بيروت