كان سوق البازركان الشهير في بيروت قديماً يحتضن دكاكين الخياطين وباعة أدوات الخياطة. وكان أحد هؤاء الخياطين على خلاف مع جار له لا يكلمه. وفي أحد الأيام توفي الجار فألح أحد أصدقاء الخياط عليه ليذهب معه للقيام بواجب التعزية. وكان الخياط حينها يعمل على ترقيع ثوب، فخرج من دكانه ولكنه نسي المسلة في يده فوضعها في جيب شرواله، وذهب للتعزية مع صديقه. ويبدو أن المسلة اخترقت جيب الخياط عندما جلس في بيت الفقيد، وصارت توخزه مراراً في منطقة حساسة من جسمه مما سبب له ألماً شديداً. وخجل أن يقوم لنزعها، فاحمر وجهه وتصبب عرقاً، وصار يبكي بحرقة وتألم.
وعندما خرج المسكين من العزاء قال له صديقه: “لم أكن أعرف أن الفقيد عزيز عليك لهذه الدرجة!”، فأجابه: ” لا عزيز ولا بلوط، بس اللي في تحت (كذا) مسلّة بتنعرو!”
وذهب قوله هذا مثلا لوخز الضمير أو للذي يرتكب خطأً لا يستطيع نسيانه، وتغير التعبير لاحقا إلى المثل المعروف: اللي في تحت باطو مسلة بتنعرو… (للتلطيف!)
________
*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت