تاريخٌ وعِبر: بيوت تحمل معها التاريخ والتراث والذكريات، “مفهوم العَونة”

الساحة. أكواريل للفنان التشكيلي اللبناني نبيل سعد، عضو جمعية تراث بيروت.
الدكتور روني خليل*

درجت العادات القروية قديما على تعاون اهل القرية لانجاز أي مشروع عام او حتى خاص، ما اصطلح على تسميته “العونة”، فكان الرجال مثلا، يجتمعون لبناء بيت من بيوت افراد البلدة، كل واحد منهم يقدم خبراته بما يعرفه، وهكذا تكر السبحة، فكل فرد من أبناء القرية معني لانجاز أي عمل. أما النسوة، فمطلوب منهن تحضير الطعام وتأمين مياه الشرب “للمعلّمين” في حين تنحصر مهمة الاطفال بالمساعدة في حمل بعض لوازم البناء كالحجارة الصغيرة وكذلك في تكسيرها لتصبح بحصاً صالحا للبناء. وهكذا كانت تتم عملية بناء البيوت…
“في الاتحاد قوّة”.

طريقة بناء أسقف الاقبية في القرى” الوصالة”.
بعد اتمام بناء حيطان “القبو” يقوم البناؤون ب”تسكير” السقف، فكيف كانت تتم تلك العملية؟
يقطعون أشجار اللزاب القوية، تلك التي لا يدخل جذوعها الحشرات نظرا لصلابتها. يضعون الجذع الضخم بعد قطعه الى جزئين على شكل جسر من أول القبو حتى اخره يتخلله في وسطه عامود حجري برأس على شكل v، تكون مهمته تدعيم السقف، ثم يضعون الاغصان الوسطى المقطّعة ايضا على جوانبه يمينا ويسارا بطول يتراوح بين المترين وال ٣ أمتار، من هنا أخذت هذه العملية تسمية “الوصالة” جمع كلمة “وصلة” حيث كانت أطرافها تصل من الجدار الى الجسر.

وفي كل غرفة من غرف القبو كانت تتكرر العملية، كذلك كانت تصنع عتبة الباب من جذع متين أيضا. وفوق “الوصالة” توضع ألواح من الاخشاب العريضة، وفوقها توضع كمية من التراب الذي يحدل قبل الشتاء درءا لسقوط المياه الى القبو. أما الاشخاص الميسورون فكانوا يضعون فوق التراب قشرة من الباطون (نظرا لندرته في ذاك العصر).

________

*أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website