الأصول الإجتماعية للمفردات والتعابير العامية البيروتية (33).. بيفلّي النملة!

سهيل منيمنة*

إذا اشتهر بين الناس أن فلاناً بخيل، يصبح مصدراً للنوادر. وقد يغالي البعض فيها ولكن يبقى لها أساس من الصحة. وربما كان بخل بعض البيارتة سبباً في إلصاق تهمة البخل بالعائلة كلها كما لا نزال نسمع إلى يومنا هذا!

ذكر بائع خضار في سوق النورية قديماً أن خادمة أحد الأغنياء أتته يوماً في محله ومعها نصف ليرة، وقالت له: ان معلمي يسلم عليك ويطلب منك أن ترسل له لزوم شوربة الخضار، وناولته نصف الليرة. فصاح في السوق: يا ناس، بنصف ليرة خضار للشوربة؟ في هذا الوقت من الشتاء؟ كيلو اللوبيا بثلاث ليرات وكيلو الكوسى بليرتين وكيلو الجزر بكذا… ماذا أبيعه بنصف ليرة؟

وكان بخيل بيروتي لا يشتري ما يلزم بيته من أغراض إلا بعد العصر. وكان لسان حاله أن البائع من الصبح حتى الظهر يبيع يربح، ومن الظهر إلى العصر يبيع بالرسمال، أما بعد العصر فيبيع بخسارة.

واشتهر عن كثيرين أنهم يكنزون الذهب في علب تنك، فإذا أرادوا ذكر ثروة أحدهم قالوا انه يملك ست تنكات أو سبع تنكات، الخ…

وروي عن أحدهم أنه كان يخاطب الليرة الذهبية عند وضعها في الصندوق قائلاً:

رنّي رنّاتك

وانزلي صوب اخواتك

إن كانك طلعتي

لأعمل وسوّي بخيّاتك

ونسبوا للبخيل مواهب مثل قولهم عنه: بفلّي القملة وبفصّل للبرغوت لباس. وقالوا عنه: إذا خري بيجوع وإذا شخ بيعطش. وقالوا لمن يضنّ بالعطاء حتى ولو بشىء لا قيمة غالية له: ما بيشخّ عا أصبع مجروح.

________

*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website