كانت أسواق بيروت , شوارع صغيرة و ضيقة و متداخلة وملتوية, وقريبة في العادة من المساجد والكنائس, كما هو الحال في اغلب مدن الشرق, وعلى جوانبها كانت الدكاكين و المحلات, و كان التجار وأصحاب المهن يتجمعون حسب تجارتهم او مهنهم, و من ذلك سوق القطن.
وسبب ضيق الطرقات والأسواق, هو نشوء مساحات كبيرة مغطاة, للتخفيف من تأثيرات مناخ بيروت, الحار و الرطب صيفا, و البارد والممطر شتاءً.
وسوق القطن من أعظم أسواق بيروت القديمة شأناً, وكان مخصصاً لبيع القطن ومستلزماته ومنسوجاته, وكل ما يُستعمل في الفرش واللحف و الوسائد, و كان اكثر البيع في هذا السوق بالجملة.
جغرافيا, كان السوق يمتد من مخفر ميناء بيروت صعودا في خط مستقيم قبل ان يزول بالتخطيط الذي اجراه والي بيروت عزمي بك في أواخر العهد العثماني, و أخذ مكانه “جزئيا” شارع فوش الحالي, حتى بناية البلدية الثانية والتي عُرفت بمبنى المالية القديمة. و كان يتفرع منه ثلاثة ممرات:
الأول, عند مدخل جامع الدباغة حيث يتصل بخان شيخ المكارية وبوابة الدباغة ومنها الى مدافن الخارجي وصولا الى ساحة البرج.
والممران الآخران يبتدئان من بناية البلدية الثانية واحد للشرق و يدعى سوق الخمامير وزاروب سابا, و واحد للغرب يصل سوق القطن بسوق البياطرة, و منه يصل الى سوق الفشخة او ما يُعرف اليوم باسم شارع “ويغان”.
وسوق القطن كان منخفضا اكثر من بقية الأسواق, مما عرّضه لطوفانات و دخول مياه الامطار الى محلاته ودكاكينه واغراقها عدة مرات, كما حصل في سنة 1878.
وكان لسوق القطن زاوية تُعرف بزاوية القطن او زاوية بني زنتوت, قيل ان أحد البيارته من أصول مغاربية من بني زنتوت قد اوقفها لتكون مسجداً يؤدي فيها تجار السوق صلواتهم وأيضا لتلاوة القرآن الكريم والاوراد والاناشيد النبوية, وانّها بُنيت في عام 1390م, وكان لها على حسب سجلات الأوقاف أملاكًا وقفية من محلات ودكاكين في السوق و خارج.
وكان يوجد في السوق أيضا, فرن ومعصرة سيف الدهان, و في آخره محلة عُرفت باسم محلة النصارى.وضمّ سوق القطن أيضا, “دير السنطة” الذي سكنه رهبان الأرض المقدسة “تيراسانتا” الفرنسيسكان.
المراجع:
– زوايا بيروت للأستاذ عبد اللطيف فاخوري.
– أوقاف المسلمين في بيروت في العهد العثماني للدكتور حسان حلّاق.
– بيروت في التاريخ والحضارة والعمران للشيخ طه الولي..
________
*باحث في التاريخ/ جمعية تراثنا بيروت.