زكريا الغول، محامٍ وماجستير في التاريخ. عضو جمعية تراث بيروت
كان الأسطول الروسي يتخذ من قبرص قاعدة له في حملاته ، وكان يضم مجموعة من الجنود الروس ومجموعات من جنسيات مختلفة ، وهم بالغالب مرتزقة من اليونان وألبانيا .
وبعد فشل الأمير يوسف الشهابي في إخراج أحمد باشا الجزار من بيروت ، إتفق مع والي عكا ظاهر العمر على الإستعانة بالأسطول الروسي لإخراج أحمد باشا من بيروت .
وصل الأسطول الروسي الى بيروت في يوم الأحد 6 تموز من العام 1773 م ، وكان الأسطول موزع على مجموعتين ، وقد زرع الخوف في أهل بيروت ، خاصة بوجود القراصنة الروس واليونانيين ضمنه ، وبخاصة القرصان اليوناني بنايوتي ، والذي زرع الرعب سابقا” في بلاد الشام .
أطلق الأسطول الروسي خمسين قذيفة هوائية إعلانا” بقدومه ، وحاصر المدينة بحرا” وبرا” بعد إنزال بعض القوات البرية بمساعدة من قوات الأمير يوسف شهاب ، وفي 3 أب من العام 1773 م ، بدأ الروس بقصف بيروت بشدة وعنف ، ورغم ذلك صمدت بيروت بقيادة أحمد باشا الجزار ، مما دفع الروس الى سحب طواقمهم ومدافعهم من البر الى السفن ، وقد إستمر حصار بيروت قرابة الأربعة أشهر .
أضر الحصار ببيروت ونفذت المؤن ، فقام أحمد باشا الجزار بطلب الأمان من والي عكا ظاهر العمر ، فوافق على طلبه ، وتم إخراج الجزار من بيروت على يد يعقوب الصيقلي وتوجه الى عكا .
وما إن دخل الروس الى بيروت حتى نهبوها ، ليتسلمها لاحقا” الأمير يوسف الشهابي ويغرم أهلها مبلغ ثلاثمائة ألف قرش ليدفعها الى قائد الأسطول الروسي . لا شك أن بيروت دفعت ثمنا” باهظا” نتيجة الصراع الروسي – العثماني ، ولكنها كطائر الفينيق عادت وحلقت لتبقى سيدة بين العواصم .