لا أنسى هذا اليوم ما حييت، كنت في الحادية عشرة من عمري وأخي في التاسعة.
كنا نلعب في حديقة عمي حين وافتني صديقة من جيراننا وكانت تكبرني بعدة سنوات. أسرت في أذني: ما رأيك في الذهاب إلى السينما؟”كانت هذه الكلمات مفتاح لعالم وردي جميل، لحلم صعب التصديق، ملون بالسحر والجمال. ترددت للحظات لأن هذا الأمر كان محرماً عند أمي، ولكن صديقتي أقنعتني بقولها: “الأهل كلهم مشغولون بعقد قران عمكم، ولن يلاحظ أحد غيابكما”.
وبمنتهى السرعة استقلينا الترامواي نحن الثلاثة حتى آخر الخط (الحرش) حيث كانت سينما سلوى تعرض فيلم “الحياة الحب” لليلى مراد ويحيى شاهين. لا تسأل عن سعادتنا ونحن نأخذ مقاعدنا كالكبار. وبفرح غامر شاهدنا ليلى مراد بإطلالتها الأنيقة تغني بصوتها الرخيم أغنيات عاطفية تنقلنا معها إلى دنيا سحرية.
انتهى عرض الفيلم وعدنا أدراجنا يتملكنا شعور من الفرح والخوف والاستعداد للقصاص. وفي بيت عمي كان الحفل قد انتهى وكل عاد إلى منزله وهو أمر لم يكن في الحسبان. رجونا صديقتنا أن ترافقنا لعل أمي تسامحنا أو تخفف من عقابها لنا، ولكن حدث ما توقعناه وأكلنا نصيب وافر من شد الأذن ونظرات الغضب والحرمان من الخرجية لمدة أسبوع.
موقف من مخزون الذاكرة لا أنساه أبداً.
________
*أديبة ومربية/ عضو جمعية تراثنا بيروت