زكريا الغول*
ساهم الحصار الذي مارسه الحلفاء بحرا” على شواطئ المتوسط في نشوء أزمة إقتصادية في بيروت خلال الحرب العالمية الأولى ، كما ساهم الجراد أيضا” في تعميق تلك الأزمة ، وقد إستغل التجار الأزمة الإقتصادية تحقيقا” لمصالحهم .وفي مواجهة تلك الأزمة عمد وجهاء بيروت على التخفيف من أثارها ، فتم تأسيس شركة لإستيراد الحبوب من ولاية دمشق وتوزيعها على أهالي المدينة كما قام رئيس البلدية عمر الداعوق بشراء كمية من الطحين ووزعها على رؤساء الطوائف بسعر التكلفة ، في محاولة لوضع حد لإحتكار التجار وشجعهم .
رغم كل تلك المحاولات الطيبة لمواجهة الأزمة وتداعياتها ، فقد إستحكم الغلاء بسبب سوء إدارة القائمين على إدارة ولاية بيروت ، وإنتشرت المجاعة بين سكان المدينة .
تم طرح العملة الورقية في كانون الأول من العام 1915 ، لكن إنخفضت قيمتها وأدى ذلك الى إرتفاع الأسعار ،وفقدت النقود الصغيرة من الأسواق .تمت دعوة أطباء ولاية بيروت لخدمة الجيش العثماني ، وخلت الصيدليات من الأدوية . حاولت الدولة العثمانية حل الأزمة في ولاية بيروت ، لكن محاولتها لم تكن بالمستوى المطلوب .كانت الأزمة الإقتصادية التي عانت منها بيروت خلال الحرب العالمية الأولى قاسية في نتائجها ، لكن تلك المدينة العظيمة خرجت منها لتعود أقوى شامخة على الشاطئ الشرقي للمتوسط .
* محامٍ ومحلل سياسي. ماجستير في التاريخ. عضو جمعية تراثنا بيروت.