كانت غابة صنوبر بيروت تمتد من منطقة البربير كما تعرف اليوم حتى منطقة الشويفات وقرية حنتوس (الأوزاعي) جنوباً، وقدّر عدد اشجارها سنة 1879 بنحو أربعة ملايين شجرة.اما الفضل الأكبر في تجميل الغابة والاهتمام بها فيعود إلى إبراهيم فخري بك الذي تولى رئاسة المجلس البلدي لبيروت سنة 1878، وقام بتنفيذ عدة مشروعات فيها فبسطت فيها المتنزهات ومدت إليها المياه ونصبت نقاط الحراسة على مداخلها وركّب في وسطها جوسقاً تعزف عليه فرقة موسيقية أيام الجمعة والآحاد والأعياد، فغدت زينة للناظرين وجنة للمتنزهين.
وكان يقام في ميدانها مباريات الخيل التي كان يسمى أبطالها بلقب “أبطال المرمح”، وتنصب في أرجائها المقاهي والأراجيح أيام الأعياد بعد أن كانت قديماً تقام في ساحة عصور (ساحة رياض الصلح).وبما أن الغابة كانت مقصد البيارتة للتنزه والتجمع، فلا بد أن يشتغل “تركيب المقلة” و”القيل والقال” خاصة إذا رافق الجلسات نفس أركيلة و”تطقيش” البزر، ومن هكذا جلسات كانت تنطلق الأخبار وتنتشر في أرجاء المحروسة، ولذلك يقال عند تهديد أحد ما بفضح أخباره السيئة على الملأ: “بدي انشرك على صنوبر بيروت”!
________
*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت