د. سهيل منيمنة*
في المتحف البريطاني، كتابة هيروغليفية منقوشة على ألواح رسائل تل العمارنة الشهيرة وعددها ثلاثمة أجرة، من الأجر المشوي، ظهرت فيها كلمة بيروت للمرة الأولى في صيغة هي الأقدم على الإطلاق كأثر تاريخي لهذه المدينة العريقة، وهي ترقى إلى الأسرة الثامنة عشرة من الاسر الفرعونية التي حكمت مصر القديمة وشملت بسلطتها كلاً من الجغرافيا السورية والساحل الفينيقي بما فيه بيروت.هي لوحة من ألواح كانت محفوظة في ملف فرعون مصر أخناتون وأبيه أمنحوتب الثالث.
وردت لفظة بيروت، في رسائل تل العمارنة، بحسب الأب لويس شيخو اليسوعي، في كتابه بيروت تاريخها وآثارها”، بصيغة “بيروتا”. وكان المصريون القدماء يكتبون “با آن بيريت” في إشارة إلى البضائع المستوردة من بيروت لاسيما الحديد المستخرج من جبل قريب منها أشار إليه لاحقًا كل من الإدريسي والمقدسي وإبن بطوطة الذي كتب أن الحديد يحمل من بيروت إلى مصر.
في النصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد سمّيت بيروت بلاذقية كنعان بحسب الدكتور لورتيه، ودعيت بيروت في العهود الوسطى BERYTES بيروتوس أو بيرووه، وقد أعطي لها هذا الإسم وهو إسم للإلهة بيروت رفيقة إيل جون الذي عُرف فيما بعد بأدونيس إله جبيل. ويذكر لورتيه أن الإله بيروت أعز الآلهة في لبنان الجبل المقدس.
يشير الأب مارتين اليسوعي في كتابه “تاريخ لبنان” إلى أسطورة محورها شاب وشابة من أمراء جبيل تزوجا وانتقلا للسكن في موضع أطلق عليه إسم الزوجة، بيروت. وهي إشارة إلى أن أهل جبيل الفينيقيين هم من أسسوا مدينة بيروت واستعمروها.
يعتبر بعض المؤرخين بمن فيهم أنيس فريحة في كتابه “أسماء المدن والقرى اللبنانية وتفسير معانيها”، أن بيروت تعني صنوبرة وأصل هذه اللفظة فينيقي، وترتبط بغابة الصنوبر والسرو التي نبتت في جوارها وصارت موطنًا لأحد أبناء ملوك مدينة جبيل.
ويرجح هنري غيز القنصل الفرنسي، في القرن التاسع عشر، أن بيروت تأسست على يد جرسيه إبن كنعان الخامس. ويرى آخرون أن زوجة أوجيكس بيروويه هي التي أطلقت إسم بيروتوس على هذه المدينة. وفي العام 146 ق.م. أحرق إسكندر بالا بيروت القديمة، ثم أعاد بناءها من جديد.
أطلق عليها الإمبراطور الروماني أغسطس اسم ابنته جوليا دمنا ومنحها لقب المستعمرة الممتازة. فاشتهرت المدينة باسم جوليا فيليكس أو جوليا السعيدة.
الأب لويس شيخو اليسوعي يذكر أنها سميت أيضًا “دربي” في العهد الهليني تيمنًا بإحدى مدن اليونان.
في العصور الوسيطة (القرن العاشر الميلادي) عُرفت بورديدون.
عرّفها الصليبيون بإمارة باروث.
نعتها الفينيقيون بالمدينة الإلهة، وبالمدينة الأبية والمجيدة.
الشاعر اليوناني ننوز وصفها بجذر الحياة ومرضعة المدن وكوكب لبنان وميناء النعيم.
بُني فيها معهد الحقوق الروماني فلقبت بأم الشرائع وروحها.
وخصّها الإمبراطور الروماني جوستينيان بالتفاتة خاصة واسماها مرضعة الفقه وأم الشرائع.
_________
*مؤسس ورئيس جمعية تراث بيروت، ومستشار المنتدى الرقمي اللبناني في تراث العاصمة اللبنانية.