د. سهيل منيمنة*
مسبع الكارات تعبير بيروتي قديم كان يضرب كناية عن كثرة الكارات التي كان البعض يقوم بها في حين أن نتائجها المالية لم تكن كبيرة أو كافية. أما اليوم فقد وضع هذا المثل في غير موضعه فصار يضرب للرجل الذي يمارس سبع مهن مختلفة في وقت واحد، وللرجل الغير ملتزم دينياً أو أخلاقياً، أو الذي يجني المال الكثير من غير أن يعرف أحد من أين اكتسبه، أو الذي له تجارب كثيرة في الحب والهوى!
وقد أحصى صاحبنا المؤرخ البيروتي الأستاذ عبد اللطيف فاخوري هذه الكارات في مصنفاته الرائعة، وهي:
1. مقّ المقساس: كانت أشجار المقساس كثيرة في رأس بيروت. وتحمل أثمارها بشكل عناقيد العنب، التي تبقى على فروعها حتى أواخر شهر آب فتقطف وتوضع في وعاء لتبدأ المقمقة في الفم: أي سحب السائل من الثمر وإفراغه في الوعاء. ثم يضاف إلى السائل شراب رمان حلو ومادة الغليسرين وملعقة من الزرنيخ وملعقة من النيل لإعطاء المزيج اللون الأخضر ثم يضمون كل خمسة قضبان من الزيتون معاً (جرزة) ويغطسونها في السائل (الدبق) أربع مرات يومياً لمدة ثمانية أيام.
2. صلي الدبق: يعلق الرجل الجرزات المغطسة في الدبق على الأشجار فتصبح كالفخ يحط عليها العصافير فتلزق بها.
3. السقسقة: أي ترديد صوت “سق… سق…” تقليداً لصوت الطائر المعروف بأم صفيدة أو طائر الدخن لجلبه إلى أمكنة تعليق جرزات الدبق.
4. الدق على المسحورة (المنجيرة) وهي قصبة فارغة وفيها فتحات ينفخ فيها الرجل ألحاناً مختلفة لتمضية الفراغ.
5. كش الحمام: وهي هواية لها تقاليدها وعاداتها…
6. بيع جيزان ذهب في باب ادريس: كانت أوراق التوت منتشرة في بساتين بيروت وأوراق التوت طعام دود القز. راجت تجارة الحرير من خلال تربية الديدان في أقفاص تصف طبقات، وكانت الشرانق تجمع في فصل الربيع وتباع للمعامل التي كانت تحل الشرانق. وكانت الجيزان التي تستخرج من الشرانق تباع إلى الصيادين الذين يعتبرون الجيزان الطعم المفضل للأسماك. وقيل إن المقصود بيع جيزان ذهبية، وهذه الجيزان لها أجنحة مذهبة كنا صغاراً نضعها في علب الكبريت ونربطها بخيط ثم نطيرها. وأعتقد أن هذه الحرفة هي المقصودة لأن باراتها أقل من بارات بيع جيزان دود القز.
7. إنزال الخضار إلى المدينة أي إلى السوق وسط بيروت.
________
*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت