الأصول الإجتماعية للمفردات والتعابير العامية البيروتية (35).. بالوشّ مراية وبالقفا صرماية!

سهيل منيمنة*

المرآة صافية نقية تعكس الصورة الحقيقية دون أي تنكر أو خداع، وهي معروفة منذ القدم وتطورت مع الأيام لتصل إلينا بشكلها الحالي المعروف. والمراياتي هو صاحب الحرفة الذي يصلح المرايا وخاصة ما فسد من دهانها وإطارها ويركب لها البراويز وغير ذلك، وليس المقصود به صانع المرايا كما يظن البعض. وآل المراياتي من العائلات المعروفة في بيروت والشام خاصة.

ووجد فيها الشعراء وسيلة للتغزل بمن يحبون، فقال أحدهم:

أخذ المرآة بكفه كيما يرى

فيها محاسن وجهه فتحيرا

ما كان يعلم ما جنت عيني على

قلبي، فحين رأى محاسنه درى

يذكر أن البيارتة لم يتعرفوا على المرآة إلا حديثاً. ويتناقل المخضرمون منهم أن عبد الفتاح آغا حمادة متسلم بيروت لما بنى قصراً في محلة القنطاري في أوائل القرن التاسع عشر، أحضر لصالون القصر مرآة كبيرة. فذهب البيارتة لمشاهدتها ، فأخذهم العجب وشعروا بإحساس غريب وظن بعضهم بأنها أداة من أدوات السحر. فكانوا يغادرون القصر وهم يتعوذون ويبسملون ويحوقلون ويتمتمون : يا لطيف … صارت الدنيا عآخرها.

ويبدو أن هذه العبارة ألهمت شاعر الشعب عمر الزعني في حديثه عن السياسيين، فقال سنة 1946:

السّياسة ما إلها دين،

وبتتمايل شمال يمين،

هي سِرّ الكذابين،

هي روح الظالمين،

يوم عازتهم بييجونا،

على روسهم بيحطّونا،

لوز وسكّر بيطعْمونا،

لبعد العازة بيهملونا،

وسط السّكّة بيقطعونا،

بيبيعونا بيشترونا،

قال مباديهم شريفة،

قال نواياهم عفيفة،

للمالك الضعيفة،

كل دعاويهم سخيفة،

كل نواياهم مخيفة،

والمعاملة اللّطيفة،

في سوريا أو فلسطين،

كله تجليط ودعاية،

كل دولة وإلها غاية،

كلهم بالوِش مراية،

وفي الزّوايا في خبايا،

وفي الخبايا سوء نوايا،

في بلايا في رزايا،

في خوازيق وأسافين…

________

*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت.

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website