الأصول الإجتماعية للمفردات والتعابير العاميّة البيروتية (37).. سآل مجرب ولا تسأل حكيم!

من ثلاثينات القرن الماضي لأطباء الجامعة الأمريكية يجرون فحص نظر لأحد المرضى
سهيل منيمنة

من عادات البيارتة الغريبة العجيبة إلى اليوم، أنك إذا اشتكيت من علة ما أمام جمع منهم، رأيت الكل صاروا أطباء وصيادلة وخبراء تغذية، وكل واحد يصف لك العلاج الشافي على هواه ويصر أن وصفته هي الأمثل. وتكون النتيجة كارثية في أغلب الأحيان إذا صدق المريض ما سمعه، مع أن المثل البيروتي الشهير يقول “اللي جرب مجرب كان عقلو مخرب”.

تاريخياً، فإن بيروت لم تعرف نهضة صحية حقيقية إلا في عهد سيطرة إبراهيم باشا على بلاد الشام (1831-1840) ومنها بيروت، حيث فرض الحجر الصحي لمدة أربعين يوماً في مركز بمحلة الكرنتينا المعروفة داخل أسوار بيروت القديمة قرب المرفأ. وعرف من الأطباء في تلك الفترة علوان ابن المفتي الشيخ أحمد الأغر وأحمد أفندي الاسكندراني والحاج محمد بن عمر شعر وكان متخصص في الجراحة مع طبيب آخر من آل الكشلي، وإبراهيم أفندي صافي وخيري بك من أطباء المستشفى الحكومي.

ثم بدأ الأطباء المجازين بالدبلوم يتوافدون على بيروت منذ العام 1858 وكان أولهم الأمريكي سميث الذي اتخذ مركزاً له في حي الدحداح (آخر خندق الغميق)، والدكتور الجراح بنايوت ترياندفيلي وكان يعاين في صيدلية الخواجا بيكولو في ساحة القمح (ساحة رياض الصلح، وهي غير ساحة القمح التي كانت واقعة شرق بيروت)، والدكتور جرجس كالبوكيدي في بيت الخواجا سيور.

وفي سنة 1861 حضر الطبيب بطرس أفيارينوس من مدرسة باريس، وسنة 1862 اتخذ الطبيب يوسف الجلخ خريج القصر العيني بالقاهرة مركزاً في حي القيراط (طريق الشام) واشتهر أيضاً الأطباء حنا جبور ويعقوب ملاط وشكيب الخوري. ومن الأطباء الأجانب اشتهر أيضاً فان دايك وباسيلي ولورانج وغيرهم.

أما أشهر الأطباء البيارتة قديماً فكان منهم أديب قدورة وكان أول طبيب ببيروت يتخرج من الكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية فيما بعد) وعبد الرحمن سنو من نفس الكلية، وعبد الرحمن الأنسي من القصر العيني وسامح فاخوري من الآستانة وكامل قريطم وحسن الأسير ومحمد سلطاني وسليم سعد الدين سلام وبشير القصار، ومن بعدهم اشتهر الأطباء محمد خالد وجميل عانوتي ومصطفى خالدي.

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website