خانات بيروت القديمة

تلوين المهندس مازن المر لجمعية تراثنا بيروت
سهيل منيمنة*

إستعمل الفرس والمغول والأتراك والمماليك كلمة “خان” للدلالة على الإمبراطور أو السلطان، فأخذت تضاف إلى إسم الحاكم، ثم أصبحت الكلمة تعني مجموعة حوانيت وأطلقت في العهدين المملوكي والعثماني على المركز التجاري أو السوق، كما أصبحت تطلق على الفندق، وشاعت هذه اللفظة بين العرب.

كما صارت الكلمة تطلق على المكان بصيغة “خانه” خاصة مراكز العمل. فإسم ساحة الشهداء قديماً كان طوبخانه حيث أن كلمة “طوب” تعني المدفع (روى الأمير حيدر بأن المراكب الروسية رمت على بيروت عشرين ألف «كلّة» مدفع بمدة ثمانية أيام ولم يصب عمارتها الضرر الكبير. ثم أخرج الاسطول الروسي مدافعه الى البر ونصبها في ساحة الشهداء الحالية والتي سمّيت في حينه بسهلة الطوبخانة). ودفترخانه كان مكان تسجيل العقارات وغيرها (مثل الدوائر العقارية اليوم)، وخسته خانه هو مكان أو مسكن المريض (مستشفى) كالخسته خانه الشاهانية (المستشفى العسكري) في بيروت وكانت مكان مبنى مجلس الإنماء والإعمار قرب السرايا الحكومية. أما “أجزخانه” فهي الصيدلية حيث لم يضع العرب كلمة مستقلة لفن تركيب الدواء واكتفوا بكلمة أجزاء أو مفردات فأخذها الأتراك واكتفوا باستعمال كلمة أجزاخانه (اما كلمة صيدلة فدخيلة من الفارسية). كذلك كانت كلمة “ديوانخانه” فكانت تشير إلى الدار العلوية في القصور القديمة وتشتمل على إيوان وثلاثة مربعات يصعد إليها بسلم حجري، و”دباغخانه” كانت لمركز الدباغة، و”سلخانه” هي المسلخ، ومهندس خانه مدرسة تعليم الهندسة، وكازخانه مكان تجميع الوقود، وغيرها كثير.

الخان لفظة فارسية تعني المنزل أو مكان مبيت المسافرين وقوافل التجار، ويمكن اعتبارها فنادق العصور القديمة. عرفت بيروت قديماً عدداً لا يستهان به من الخانات تركز معظمها في منطقة المرفأ والأسواق القديمة وساحة البرج، أكثرها تم تشييده خلال فترة حكم الدولة العثمانية وذلك لوقوعها على الطرق التجارية وكمحطة لقوافل الحج الوافدة من الشمال إلى الديار المقدسة في فلسطين أو الحجاز.

وأقدم خان أنشئ في العصر الإسلامي، الخان الذي بناه الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك عام 109هجري – 728 ميلادي، على مقربة من قصر الحير الغربي في البادية السورية، وقد نقش على ساكف بوابته كتابة تذكر اسم المعماري (ثابت بن أبي ثابت) والتاريخ 109 هجري. وقد حفظت في المتحف الوطني بدمشق. أما أقدم خانات بيروت فكان من العصر المملوكي يعرف بخان تنكز على اسم نائب الشام من قبل السلطان الناصر محمد بن قلاوون، كما ذكر المؤرخ صالح بن يحيى في تاريخ بيروت. وكان عدد من هذه الخانات يتميز بزخارف جميلة على واجهاته، أما مداخلها فكانت على شكل أقواس ضخمة تحيط بباب خشبي كبير يصفح في بعضها بالحديد والنحاس.

ومن المنطقي القول ان استقرار  حكم الصليبيين مدة 171 سنة  دفع الرحالة والتجار الأجانب الى الاستقرار فيها وبناء ما يمكنهم من السكن وممارسة التجارة واستيراد الغلال المختلفة وانشاء الخانات والمخازن داخل السور وخارجه.

لوحة زيتية جميلة لخان في خارج بيروت للرسام الفرنسي Charles-Théodore Frère حوالي 1850. (Musée d’art et d’histoire de Narbonne)

بعد فرض سيطرة الشهابيين على بيروت وتوطّنهم فيها مع حلفائهم كان من غير المستبعد أن يقوم بعضهم بتجاوزات لم يكن بإستطاعة أهل المدينة مقاومتها أو الاعتراض عليها أو انتقادها. كما ان الأمراء وحلفاءهم سيطروا على تجارة المدينة وبنوا فيها الخانات والقيساريات حتى ان الأمير حيدر مؤرّخ تاريخ الجزار قال بان أرباب الوظائف الإدارية والأمنية ودزار القلعة وكذلك المغاليق (جمع مغلق) أي المخازن والدكاكين كانت كلها موقوفة على موافقة الأمير ملحم وتحت أمره. كما ذكر ان الست ضيا زوجة الأمير ومالكة عدة جلول في تلة باب يعقوب قرب السراي الكبير أجرت ختان ابنها بكلفة بلغت 25000 قرش.

ولإعطاء فكرة عن سيطرة الأمراء وحلفائهم على التجارة في بيروت وما يتبع ذلك من نفوذ وسطوة، نذكر بعض الانشاءات التي بنوها واستثمروها مدة طويلة فكان منها: خانات قديمة آلت للميري وعرضت عدة غرف منها للبيع مثل 25 غرفة بالخان القديم و27 غرفة بخان الأمير منصور و17 غرفة بخان الشيخ شاهين وقيسارة البارود لسليمان أبو اللمع وقيسارية الأمير يونس وقيساية الأمير سليمان الشهابي وقيسارية الصاغة للأمير يوسف وقيسارية العطارين لعبد السلام العماد وقيسارية ام دبوس زوجة الأمير أحمد. (فاخوري: أيام بيروتية 4)

كثر إنشاء الخانات في بيروت قرب مرفأها وذلك لإقامة التجار الوافدين إليها بحراً، كما انتشرت في مختلف أنحاء المدينة داخل وخارج سورها وقرب مداخلها عند أبوابها. وبني بجانب قلعتها خانات تخصّ آل الحلواني وبسترس. وكانت وظيفة الخان في المدينة استقبال التجار بشكلٍ عامٍ، من باعة الجُملة ومُروّجي البضائع ومراسلي المستوردين والوسطاء. وفي هذا المكان كان يتمّ البيع والشّراء، وكأنّ المكان لم يعد لإيواء المُسافرين بل استقبالهم ريثما يتمّون تجارتهم. وقد وصف هنري غيز قنصل فرنسا في لبنان أحوال الخانات القديمة في فترة إقامته في بيروت 1808-1828 في كتابه “بيروت ولبنان” بقوله: “… كانت غرفها صغيرة وخالية من الأثاث، وكان على النزلاء أن يصطحبوا معهم أمتعتهم وسجادة تقوم مقام السرير، وكان على الواحد منهم أن يلتحف عباءته ويتدبر أمر طعامه وشرابه، لأن الخان كان يفتقر إلى أدوات المطبخ… “. وقال في موضع آخر: ” كان جميع نزلاء الخانات زبائن محليين، تجاراً جوالين وأشخاص من أهل البلاد. وكان كل واحد منهم عدّة مبيته الضرورية من سجادة يستخدمها كسرير، ومشلح كغطاء، وخرج يحشو به أدوات طبخ وبعض المأكولات البسيطة، وملابس بديلة يستخدمها كوسادة للنوم”.

أما الصحفي والروائي والمترجم الفرنسي “لويس إينولت” فقد كتب سنة 1863: “تمتعت أسواق بيروت منذ زمن بعيد بجاذبية مميّزة, اغوت الزائرين و المشترين ممن قصدوها : ” كانت شوارع الاسواق مغطاة بقطع قماش كبيرة, معلقة من سقف الى آخر, وهنا يبدو أن جميع منتجات أوروبا وآسيا المرتبة في هذا السوق, قد اجتمعت لاغواء المشترين. خان كبير بهندسة معمارية بسيطة كان بمثابة ثكنة للقوات التركية, ومسرح جميل حيث تُغنى الأوبرا الإيطالية, يشهد على الذوق الموسيقي لهذه المدينة الصغيرة”.

وكانت عبارة “في الخان جميع الناس إخوان” من تقاليد الخانات في ذلك الزمان حيث كان نزيل الخان يدخل ويسلّم على الآخرين بدون معرفة، لأن “السلام من شِيم الكرام”. ولا يلبث جميع النزلاء أن يتعارفوا ويتآلفوا ويخرجون بالتالي، أصدقاء من أيّ طائفة كانوا. (القيل.. والقال لسلام الراسي).

كان في بيروت قديماً حوالي 30 خاناً اشتهر أغلبها بأسماء مالكيها (مثل خان طاسو وخان رمضان وخان أنطون بك…) أو بأسماء نوع البضائع التي تخزن أو تباع فيها (مثل خان البارود وخان المزيكة وخان الصاغة…)، أو بإسم المحلة التي تقع فيها (مثل خان الدباغة وخان الصيفي…). وفي أواخر القرن التاسع عشر كانت الوكالات التجارية المؤسسة من قبل عائلات امتهنت التجارة (بسترس وسرسق وأياس وثابت وشقال والأحدب ودمشقية ومنيمنة وغيرها) كانت كلها تتمركز وتنمو حوالي الخانات الكبرى في المدينة. كل هذه الخانات البيروتية هدمت بعد الحرب العالمية الأولى أو أقيم فوقها مبانٍ وخاصة دور السينما في ساحة البرج، ولم يبق لها أي أثر اليوم.

مواقع أهم خانات بيروت القديمة على صورة جوية من العام 1929 قام بتحديدها الصديق الباحث جيرار مارتايان

ذكرت في خطط بيروت القديمة داخل السور الكثير من القناطر التي تغطي الدروب وتحمل البيوت وهي تمنح جمالية للأسواق والخانات والحمامات من جهة وتؤمّن بعض الحماية لبضائع التجار ومنتجات الحرفيين. ومما يؤسف له ان عمليات الهدم وإعادة البناء بذريعة تجميل المدينة أدّت الى إزالة هذه القناطر ولم تترك للأجيال قنطرة واحدة للذكرى.

مواقع أشهر خانات بيروت القديمة داخل السور (عن شبارو)

53– خان شيخ المكارية | 54– خان السيد | 55– خان البربير | 56– خان أنطون بك | 57– خان حمزة | 58– خان الشونة

59– خان فخري بك | 60– خان ثابت | 61– خان الأروام | 62– خان سوق الطويلة | 63– خان الحلاج | 64 – خان الحرير

65– خان التوتة | 66– خان سعيد آغا | 67– خان الصغير | 68– خان الموسيقى | 69– خان النورية | 70– خان البيض

الوصف والتصميم

معظم خانات بيروت القديمة كانت مربعة المسقط مبنية من حجارة كلسية أو بازلتية وتتألف من طبقتين. وكانت الغرف في الخانات الجيدة تتوزع في الطابق العلوي، أما الخانات الأفقر أو الأكثر تواضعاً فقد كانت قاعة النوم مشتركة ينام فيها النزلاء على منصة مرتفعة. وكان لكل خان بواب يساعده ناطور مهمته حراسة الخان ليلاً، وخادم يتولى أعمال النظافة مقابل أجر معين، وكان المسافرون الشرقيون ينزلون في الخانات التي لا تحتوي على أثاث وفرش، فيضطرون إلى حمل حوائجهم معهم ليتمكنوا من الإقامة فيها. ومثل هذه الخانات انتشرت بكثرة داخل بيروت القديمة.

هذه الخانات كان معظمها يتميز بوجود حوض في وسط صحن داخلي تتوسطه بركة ماء وأحياناً تغرس فيه بعض الأشجار على غرار “الأغورا” اليونانية agora و”الفورم” الروماني forum. وفي بعضها كانت تحيط بالصّحن بوائك أُقيمت الدكاكين تحتها، لتبقى أبوابها محميّةً من الحرّ صيفاً ومن المطر شتاءً. وكذلك كانت تضم مشرباً للبهائم وحمام وفرن ومصلّى.  (البوائك هي مجموعة الأعمدة المتباعدة على خط مستقيم والموصولة بأقواس من أعلاها لتحمل السقف).

عن “العمارة اللبنانية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر”. إصدار متحف نقولا إبراهيم سرسق

كان الطابق الأرضي يطلق عليه أحياناً “خان التجارة” وكان يحتضن عدة حوانيت تجارية أو مخازن لحفظ البضائع تفصل بينها حوائط تنتهي خارجاً بشكل عمود نصف أسطواني من أسفل إلى أعلى، بينما السقوف مكونة من قبوات مدببة. وكانت الأبواب تصنع من الخشب يفتح قسمها الأكبر إلى الأعلى ويسند على ذراعين، في حين يفتح القسم الأسفل أفقياً ويسند على ثلاثة قضبان حديدية في الأرض. وكان القسم الأرضي يضم أيضاً مكان مخصص لمبيت وسائل النقل من حمير وبغال وخيل وجمال، إضافة إلى مرآب العربات وورش لإصلاح المركبات.

أما الطابق العلوي فيطلق عليه “خان المسافرين” ويصعد إلية بدرجين حجريين، ويكون من صفين من الغرف مخصصة لاستضافة التجار والمسافرين القادمين إلى بيروت، ويفصل بينهما الممر الداخلي للحوانيت التجارية. ولغرف الطابق العلوي نوافذ من الخشب دون زجاج، تطل على السوق. وهو يقوم مقام الفندق فيؤجره أصحابه لأناس متخصصين في إدارة الفندق، فيأخذون من المسافرين أجرة المبيت.

ما يتعلق بخانات بيروت في قانون الأبنية لعام 1891

المادة الأربعون

إن الخانات ينبغي أن تكون مبنية تماماً بالحجارة المشبكة بالحديد ولا يعمل في خارج الغرفة وفسحة الخان أبنية خشبية على أنه وإن جاز إنشاء دكان من حجر في وسط فسحة الخان إذا أظهر المتصرفون الأكثرية إلا أنه ينبغي أن يكون في جوانبه الأربع وفي وجه حيطان الخان الداخلي فاصلة لا تقل عن ثمانية أذرع.

المادة الستون

عند تعمير الغرف والمخازن في ضمن الخان يؤخذ خمسة عشر غرشاً أذا بلغ سطح الأرض ثلاثين ذراعاً مربعاً، ولأجل الزيادة عن ذلك يؤخذ ثلاثون غرشاً.

(ثمرات الفنون 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1891).

الخانات

خان الملاحة

نسب للأمير ملحم بن حيدر الشهابي انه بنى خان الملاحة الذي عُرف فيما بعد بالخان العتيق حوالي سنة 1749م بعد أن اتخذ من بيروت عاصمةً شتوية له.

موقع خان الملّاحة على صورة للفرنسي Bonfils

كان موقعه في محلة المرفأ يُدخل إليه من جهة الرصيف عبر ممر على جانبيه مقاهٍ، يصل إلى بابه المفتوح للشمال. يتألف الخان من طبقتين، أرضية وعلوية. طوله 48 متراً وعرضه 30، طول ساحته الداخلية 27.50 متراً وعرضها 21.5 متراً وتبلغ عدد غرفه ومخازنه إثنان وسبعون. وكان لصيق له سوق المغربلين في ساحة القمح.

يذكر أن كاييه Caillier رئيس المهندسين الجغرافيين في فرنسا رسم سنة 1833 خان الملح أو خان الملاحة وأشار إلى تقسيماته وشكل بنائه.

وكان الخان المذكور من أملاك الدولة العثمانية. حاول هنري غيز قنصل فرنسا في لبنان خلال سنتي 1833-1834 استئجاره ليكون مقراً للقنصلية الفرنسية ولإسكان التجار الفرنسيين. وذكر أن الخان المذكور اتخذ سنة 1833 مقراً للفرق المصرية التي دخلت بيروت ثم أنزل فيه المرضى بحيث اعتبر محجراً صحياً (كرنتينا)، وقد وصفه هنري غيز سنة 1837 على أنه خراب هائل يصلح لإقامة مسافري الدرجة الدنيا أودع فيه الملح الوارد إلى بيروت وربطت فيه الدواب التي تنقل هذه السلعة. وقد بيع بالمزاد سنة 1911 بمبلغ 6500 غرش.   

يذكر أن قنصل دولة نابولي في بيروت يوسف أبو موسى إتخذ سكناً له قرب هذا الخان وبنى برجاً خلفه سنة 1851.

قال طراد في “مختصر تاريخ الأساقفة” عن قصف الأسطول الروسي لبيروت سنة 1772م أن مسلمي بيروت تهيّأوا وأطلقوا عليهم المدافع من القلعة ومن برج الميناء ووضعوا مدفعين حول المدينة لأنه لم يكن لها سور منيع ولا أبراج محصنة… وأضاف بأن العساكر نزلت الى البر ونشبت معركة مع أهالي البلدة الذين كانوا عملوا عند باب السنطية سوراً من بداري (البدرة جمعها بدر وهي كيس كبير فيه عشرة آلاف درهم كان يعطى مكافأة للشعراء وغيرهم) مملوءة رملاً، كما ملأوا الصناديق بالرمل وجعلوها متاريس. ويضيف بأن العسكر دخل البلد ليلاً أولاً الى قيسارية الأمير يوسف بالميناء ونهبوها ونهبوا كذلك قيسارية الصاغة كما نهبوا بيوت الأهالي المجاورة لها ثم «قويت عليهم اسلام البلد وهزموهم لمراكبهم» وقد تهدّم نتيجة تلك الحملة قسم من خان الملاحة الذي بناه الأمير ملحم شهاب.

خان طاسو

موقعه في محلة الرصيف آخر سوق باب يعقوب داخل المدينة ويشتمل على خمس وعشرين أوده (غرفة) منها واحدة مسقوفة واقعة فوق السلم الشمالي والباقي معقودة. كما يشتمل على رواقات معقودة واقعة أمام الغرف المذكورة وعلى مماشي وسلّمي بلاط أحدهما يتوصل منه إلى الخان من جهة الشمال والثاني يتوصل إليه من جهة الشرق.

ويشتمل الخان المذكور على ثلاثة مرتفقات متلاصقة واقعة في الجانب العلوي من السلم الشرقي وعلى أوده مسقوفة في جانب السلم وعلى مدخل به باب يفتح لجهة الشرق بجانبه الشمالي بئر ماء نابع مطوي بالمؤن والأحجار ويصل به ثلاثة أقبية معقودة متلاصقة تفتح أبوابها لجهة القبلة على مدخل الخان.

وكان خان طاسو يحتوي على مصبنة معقودة من جهة شماله، والمشتملة على قبو معقود به موقد وبركة لجمع الماء وخلقين وأحواض وفسحة معقودة برسم مخزن تلاصق المصبنة، مغروس بها أربع خوابي افرنجية. كما يحوي أسفل الخان على أحد عشر دكاناً معقودة أربعة منها تفتح أغلاقها على الطريق. قال الفاخوري في “أوراق بيروتية” رقم 8: “ومن المصابن المشهورة داخل المدينة المصبنة الكائنة آخر سوق باب يعقوب أسفل خان طاسو (المشتمل على خمس وعشرين أوده واحدة مسقفة والباقي معقودة) المشتملة على قبو معقود به موقد وبركة لجمع الماء وخلقين وأحواض وفسحة معقودة برسم مخزن تلاصق المصبنة مفتوح لها بابان مغروس بها أربع خوابي افرنجية…» يذكر ان حسن الغندور وحسن القاضي اشتريا سنة 1286هـ/ 1869م أسهماً شائعة في الخان والمصبنة المذكورين.”

خان الدباغة

كانت محلة الدباغة تقع قرب مرفأ بيروت القديم، وسميت بذلك نسبة لسوق دباغة الجلود وحرفة الدباغة التي كانت منتشرة فيها. ولا تزال إلى اليوم تعرف بهذا الإسم عند البيارتة القدماء، وهناك لوحة للبلدية يسار الواجهة الشمالية لجامع أبو بكر الصديق الواقع على شارع فوش في منطقة أسواق بيروت تعرّف المنطقة بـ “الدباغة”.

من صحن باب الدباغة مطلع القرن العشرين

ومن أشهر معالم المحلة المندثرة نذكر باب الدباغة الشهير وجامع الدباغة الذي كان يسمى جامع البحر والجامع العمري (وهو غير الجامع العمري المعروف في شارع ويغان اليوم). وكانت محلة الدباغة تحتضن عدة خانات سميت بأسماء أصحابها في الغالب، أما خان الدباغة الرئيسي الواقع غربي مقبرة الغرباء فكان يتألف من عدة مخازن ودكاكين ورواق وسلم. أربعة من هذه الدكاكين كانت تفتح أبوابها خارج الخان.

داخل أحد خانات الدباغة سنة 1904

وكان في محلة الدباغة عدة خانات بالإضافة إلى الخان الرئيسي ذكرها المؤرخ فاخوري استناداً لوثيقة عقارات جبران وميشال بسترس أحدها يشتمل على أحد عشر مخزناً وسبعة دكاكين إلى شماله طريق قلعة بيروت وإلى قبلته طريق إلى البحر. والخان الثاني يشتمل على ثلاثة عشر مخزناً وعشرين دكاناً والخان الثالث يشتمل على سبعة مخازن وثلاثة دكاكين ورواق عقد وغرفة مسقوفة وأخرى بدون سقف، وكان أحد هذه الخانات بتملك عمر غزاوي وأولاده.

خان السيد (حمادة)

قرب باب الدباغة في محلة المرفأ. يذكر أن عبد الله بيهم تولّ قبل سنة 1860 رئاسة مجلس التجارة في بيروت وكان مقرّه في حارة محمود نامي بك تجاه خان السيد (حمادة) في المرفأ ثم نقل سنة 1867م الى خان أنطون بك. وصار هذا الخان يعرف فيما بعد بخان زلعوم. افتتح فيه بحري ونصر سنة 1910 فرعاً لمحلهما في الإسكندرية وهو يتعاطى بيع ومشترى جميع الأوراق المالية ولاسيما سندات البنك العقاري المصري نقداُ او بالتقسيط.

خان البارود

كان هذا الخان يقع في سوق الحدادين القديم بالقرب من باب ادريس. كان أحد طرفي السوق يلتقي بشارع البطريرك الحويّك ومن الطرف الآخر بشارع أحمد الداعوق الذي استبدلته بلدة بيروت مؤخراً بإسم شارع الشهيد فرانسوا الحاج. كان به وكالات سليم وأمين الشاغوري لتجارة الحرير.

داخل خان البارود في بيروت مطلع القرن العشرين

خان الكنفاني

هو أحد الخانات العديدة التي كانت في ساحة البرج (ساحة الشهداء فيما بعد) والتي بني على أنقاضها معظم صالات السينما الشهيرة في تلك الساحة. وخان الكنفاني هذا بنيت مكانه سينما الأمبير المعروفة، وكان موقعه في المحلة التي كانت تعرف قديماً بمحلة أو مزرعة القيراط (كانت تمتد من خلف مبنى العازارية إلى ساحة الدباس شرقاً) قرب فسحة برج الكشاف.

صورة من سنة 1859 نبين فيها موقع خان الكنفاني
(تحديد صاحب المقالة)

بناه الحاج محمد بن مصطفى كنفاني وكان يتألف من فسحة وبئر ماء نابع وعدة غرف علوية وأخر سفلية وبناء قهوة علوية ولوكندة وفرن وتسعة وعشرين دكاناً. ثم انتقلت ملكية أجزاء من الخان إلى أشخاص من آل العريس وبدران.

وثيقة خان الكنفاني

وكان خان الكنفاني يضمن مصبنة، ذكرها الفاخوري في “أوراق بيروتية” رقم 9: “وجدت عدة مصابن خارج البلدة منها ما ذكرته الوثيقة المؤرخة في 29 جمادى الثانية سنة 1282هـ/ 1865م التي اشترى بموجبها الخواجه فارس جبور طراد من حبيب واسكندر ونقولا وجنة الخوري إلياس زخريا وكاترينا يعقوب الجبيلي قطعتي أرض في مزرعة المصيطبة في أحدها عمار يحتوي على سبعة أماكن مسقفة وعلى أودة معدّة لعمل الصابون وبئر ماء نابع. ووجدت مصبنة في خان الكنفاني خارج المدينة”. (يقصد خارج السور)

خان التوتة

ويسمّى أيضاً قيسارية التوتة في سوق البازركان الذي كان يقع قرب جامع الأمير منذر وجامع شمس الدين والذي كان يعرف بسوق العقادين قبل سنة 1264هـ. (انظر موقعه على الصورة الجوية فوق)

وهناك لغط في السجلات القديمة تتعلق بنسبة هذا الخان إلى أمراء بيروت، ففي سجل سنة 1273هـ ورد “خان الأمير يونس المعروف بخان التوتة…” بينما ورد في وثائق سجل سنة 1297/ 1298 هـ أن: “خان الأمير منصور معروف بخان التوتة..”. وقد أشار المؤرخ الأستاذ عبد اللطيف فاخوري مشكوراً إلى هذا الموضوع ونقل في “منزول بيروت” ما جاء في وثيقة 3 شوال 1265هـ أن دكان السيد محمد الحوت كان يقع في قيسارية الأمير يونس وأن سوق الصباغين هو سفلي القيسارية المذكورة. وقد تداعت بعض جهات هذا الخان سنة 1884م.

وثيقة خان التوتة

ذكر الأنسي في الدليل وجود معمل الموبيليا والتنجيد لصاحبه إبراهيم الترك في هذا الخان. وكتب القباني في ثمرات الفنون: “إعلان من دائرة إجراء محكمة بداية بيروت.. إن ثلث الدكان الكائنة في سوق البازركان نومرو 115 يحدها قبلة وشمالا ملك الخواجه شلباده وشرقاً خان التوتة وغربا الطريق السالك وكذلك ثلث الدكان الكائنة في ذلك السوق الواقعة تحت نومرو 117 يحدها قبلة ملك شلباده وشمالا باب الخان وشرقاً خان التوتة وغربا الطريق السالك الذي هم ملك الخواجه استلبانو ماركو بولو أحد تبعة دولة اليونان الفخيمة في بيروت لوفاء دينه المحكوم له به بموجب إعلام محكمة تجارة بيروت…” (عدد 11 شباط/ فبراير 1885).

ومما وصلنا أن الشيخ أحمد الغرّ قال في ديوانه: “طلب مني عبد الفتاح ابن السيد سعد حمادة الاسكندري التاجر المتوطن يومئذ في بيروت المترددين عليّ، الأعزاء لديّ، تأريخ قصر بناه على ظهر قيسارية الأمير يوسف سنة 1242هـ (1826م)، فأجبته لذلك وأدخلت عليه السرور بما هنالك وأرخته بقولي:

إن هذا منزل أفراحه ** لا تزال كل يوم في زيادة

عابد الفتاح ينمو أرّخوا ** قد بنى قصر سرور فسعادة

(القصيدة كاملة في منزول بيروت)

خان أنطون بك

أشهر خانات بيروت وأجملها. سمي نسبة إلى بانيه أنطون بك في حوالي سنة 1861 في غرب مرفأ بيروت قرب ميناء القمح في محلة الشامية قرب الشاطئ. كان في هذه البقعة طاحونة نار اشتراها انطون بك مصر لي أوغلي (أي ابن مصر) المشهور بأنطون بك وأنشأ مكانها الخان المعروف باسمه.

مشهد من محلة الزيتونة عام 1898 ويبدو خان أنطوان بك ومقبرة السنطية

يجسد هذا الخان مدى الدور الذي لعبته المبادرة الفردية في تجديد طابع المدينة خلال مرحلتها الانتقالية من الاقتصاد البيروتي، وصاحب فكرة خان القوافل كان هو نفسه رجلاً انتقالياً وهو أنطون بك المصري، أرمني من أصل مصري، المعروف كذلك باسم أنطون مصريليان بالأرمنية وميسير يوغلي في التركية. جمع أنطون بك ثروة طائلة في إسطنبول وكان على بينة من الذوق الجديد الذي كان سائداً في العاصمة آنذاك وفي القاهرة والإسكندرية. وكان هذا البناء يختلف بوضوح عن خانات القوافل القديمة، المنغلقة داخل جدرانها على غرار المساكن التقليدية، أما خان أنطون بك فكان يتميز بمظهره الرشيق وواجهته المفتوحة على البحر، المزدانة بصفين من القناطر. وكان هناك رصيف خاص يسمح بنقل السلع مباشرة من القوارب إلى داخل المستودعات.

ومع ذلك، ورغم الطاقة على الاستيعاب التي يتيمتع بها المستودع، لم يكن خان أنطون بك مجرّد مخزن للبضائع إذ كانت النشاطات الاقتصادية التي انخرط فيها كثيرة، من وكالات بحرية ومصرفية ونشاطات تجارية، بالإضافة إلى مكاتب البريد والخدمات الإدارية. وفي خان أنطون بك بالذات، اختار المصرف العثماني الامبراطوري أن ينشىء فرعاً له في عام 1865. وبفضل هذا الاستقطاب الجديد للنشاطات، مارس خان أنطون بك تأثيراً ملحوظاً على هندسة الأبنية في الواجهة المرفئية لبيروت، لا بل تعداها إلى الجهة السفلى من المدينة. [قصير]

خان انطون بك ورصيفه بعدسة Félix Bonfils بين 1870 و 1880 (Library of Cogress)

كان الخان مربع الشكل يتألف من طبقتين من المخازن العقد وفوقهما دوائر كثيرة متقنة البناء أخذ بعضها لنظارة الرسومات وبعضها لدوائر أخرى، واتخذت فيه مكاتب للبريد كما ضمّ عشرات من المخازن. وكان هذا الخان مقراً لمجلس التجارة في بيروت أبتداءً من سنة 1867 برئاسة عبد الله بيهم (أشارت صحيفة حديقة الافكار سنة 1867 م الى تنظيم حفلة يعود ريعها الى الفقراء وذلك في مقر اجتماع التجار في خان انطون بك ما يدل على وجود مقر للتجار في السنة المذكورة). واحتضن الخان مقر عمل القنصل الفرنسي المسيو فوكد وبريك والترجمان المسيو فردينان فيت سنة 1909.

واجهة الخان الشمالية مطلة على مينائي الخشب والقمح قرب جامع المجيدية

كما كان الخان مقراً لشركات مثل شركة المساجري لإدارة البواخر الفرنسية بإدارة المسيو ريكو وشركة البواخر المسكوبية المسيو فالديه وشركة سبرين فابر للبواخر الفرنسية بإدارة الخواجة عبد الله زحيل وشركة برنسلين وهويت ستارلين للبواخر الإنكليزية بإدارة المسيو أوتون تاتاراكي الذي كان يدير أيضاً شركة أتلس لاين للبواخر الألمانية وشركة بنتاليون للبواخر اليونانية بإدارة الخواجة ميخائيل سكريني وولده. وكان فيه تجار الأخشاب خليل وبتراكي الخوري وميخائيل السكريني، والخياط الافرنجي نقولا أبو شديد.

شارع البريد بمحاذاة خان أنطون بك حوالي 1910

وبجواره كان يوجد مطبعة التجارة لصاحبها جرجي أفندي مكر ومعمل حدادة خاصة جيمس كويت وأصحاب العربات (الكبانيات) جلوان العشقوتي وشركاه كما ذكر الأنسي في الدليل. وفيه فتح الياس ميخائيل نابلسي محلاً لمبيع أوراق مالية ذات ياناصيب مثل أوراق البنك العقاري المصري وسكة حديد الروملي وذلك بالنقد والتقسيط. يذكر أن نجيب شوشاني أعلن سنة 1907 أنه مع استمرار اشتغاله في وكالات الدعاوى ( أي مهنة ألمحاماة يوم كان من الجائز الجمع بين التجارة وممارسة المحاماة) اشترك مع كرامة بك بأشغال العمولة والأوراق ألمالية والكمبيو وانه نقل مكتبه الى خان أنطون بك في ألمرفأ.

خان أنطون بك كما كان يبدو من رصيف ميناء الخشب سنة 1904

يذكر أن مسابقة سنوية لفيالج الحرير (الشرانق) أقيمت في هذا الخان سنة 1902، ففي تلك السنة قدم طورقوميان افندي مستشار في الزراعة في نظارة الديون العمومية في الأستانة ومدير تعليم دار الحرير في بروسة ، وقدّما إلى والي بيروت تقريراً بذلك وطلبا تعيين لجنة لترتيب المسابقة والهيأة المشرفة عليها، فعين لتلك المهمة عبد الرحمن بيضون أحد  أعضاء مجلس الإدارة وإرسلان دمشقية رئيس”حجرة” التجارة والسيد يوسف فرعون. قد نظمت المسابقة بالفعل وأحضر المشتركون الفيالج التي عرضت لمدة ثلاثة أيام في الدائرة الخاصة بوكالة البواخر الروسية في الخان.

مشهد من محلة الزيتونة في الأربعينيات ويبدو خان أنطوان بك ومقبرة السنطية

خان أنطون بك هو الخان الوحيد الذي قاوم السنين إلى أن هدمته الحرب اللبنانية.

خان فخري بك

آخر سوق الطويلة. (انظر موقعه على الصورة الجوية فوق).

ينسب إلى فخري بك ابن محمود بك محافظ بيروت من قبل إبراهيم باشا، وكان له بابان من حديد يخفره ليلاً حارس ينام فيه بعد قفلهما ويكنس الخان كل صباح ولا يفتح أبوابه إلّا حين حضور أصحاب الخان.

خان فخري بك يساراً وخان أنطون بك يميناً سنة 1870

كتب الفاخوري في “أيام بيروتية” رقم 39 ما يلي: “في سنة 1888م جاء فخري بك من مصر مصطحباً جثة والده واتخذ له مدفناً مخصوصاً تعلوه قبة قريباً من مقام الإمام الأوزاعي، وكان فخري بك على صداقة متينة مع الجالية الأوروبية في بيروت لا سيما مع الفرنسيين. واهتم بتنظيم ساحة البرج وتحويلها كالحدائق الأوروبية وأرسل الى فرنسا بطلب مصابيح لإنارتها وفتح اكتتاباً للتبرع بالنفقات، فكان من المتبرعين الفرنسيان: اوبان صاحب المحل المعروف في السوق الطويلة، والكونت برتوي. كما شجع على إنشاء بورصة بيروت التي ظهرت الحاجة إليها نتيجة تطوّر الرأسمال الأجنبي التجاري، فاجتمع في آخر شباط سنة 1879م بعض أعيان التجار في مركز عمل السادة سرسق ودباس وشركاهم في بيروت وتدارسوا في إنشاء «بورس» Bourse وعيّنوا لجنة لتحضير إنشائها برئاسة الفرنسي ادمون بيرون وعضوية الفرنسي كريستيان مدير البنك العثماني وقرروا فتح بورصة سمّوها «بورس بيروت» وعقدت أول اجتماع لها في 15/3/1879. فأقرّ نظام البورصة وانتخب ادمون بيرون رئيساً لها.” 

ورد في دليل الأنسي أنه كان بداخل الخان وكالة مصطفى ومحمد هاشم طبارة لتجارة المانيفاتورة (الشيت) ومعمل دفاتر خاصة صائغ إخوان.

شارع بجوار خان فخري بك حوالي 1910

وبجوار هذا الخان كان يوجد مكاتب قنصل اسبانيا المسيو بارودي وقنصل بلجيكا (بالوكالة) المسيو ليته ومكتب المحامي إسكندر بك الدحداح وعدة بنوك هي بنك قمر وشحادة وبنك الشقال وبنك خياط وبنك داغر وبنك طبيب. وكذلك تجار القومسيون ليتي وشركاه وأميل نصر (التي بواسطتهم تجلب البضائع من أوروبا) وكانت مراكز تجار البضائع الأوروبية يقع أكثرها بجوار هذا الخان مثل عمر وعبد الرحمن بيهم وشيخ ولادقي وفريد عبد الله شقي وسليم ويوسف الحلو وفردريك ونر ووديع متري شقير وخليل وعبد الله الخوري وعبد الغني سعد الدين الغندور وشركاه، وتجار آخرون مثل كحلا وشركاه  وشيحا وشقير وبرصوم بدروسيان ورزق أخوان لتجارة الأخوام والمضام، وصائغ إخوان للوازم البناء والياس جدعون لتجارة أدوات المطابع والمدارس، وشركة أدولف ديه للبواخر البلجيكية وكلائها الخوجات نقولا ناي ولويس راهبة.

أما تجار الأجواخ فكان معظمهم يتخذ مركز تجارته حوالي هذا السوق. ذكر الأنسي منهم هاني وعودة ويوسف ربط وسعيد العكاوي ونجيب الشاويش ورشيد النحاس وفنتورة وابن حايم وزخور وحلبي وبشور وبركات ورزق أخوان لتجارة الأقمشة الوطنية من حرير وأصواف وخلافها ومحل الخياط الافرنجي إلياس أندراوس بربور. كما اعلن انطون ملحمة سنة 1908 أنه مهندس مقاول في خان فخري بك وأنه” بنفس أكلاف البنايات الدارجة “ينشىء البنايات وجميع الأشغال على الطراز الباريزي الحديث مع الزخرفات الخارجية فضلاً عن الترتيبات الداخلية.

خان يعقوب ثابت

بجوار خان فخري بك شمالاً. وكان في طابقه العلوي مكتب المحامي جان بك نقاش. ومما وصلنا من أحداثه ما ذكره القباني في ثمرات الفنون: “في ليلة السبت الماضية بينما كان عبد الغني بن ابراهيم الجارودي البالغ من العمر 17 سنة يسير في طريق الخواجات بسترس بقرب خان يعقوب ثابت في نحو الساعة الخامسة ومعه بعض أولاد إذ تعدى عليهم انسطاسي متى وجرح عبد الغني المذكور ثلاثة جروحات أحدها بالغ وقد فر الجارح ولم يزل التحري جارياً عليه.” (عدد 1 حزيران/ يونيو 1887)

خان الحلواني

بناه الحاج مصطفى الحلواني في قطعة أرض محتكرة من في وقف الحاجة نفيسة بنت عمر زين الدين الحاج شاهين فايد الى جانب ثلاثة خانات تخص آل بسترس. كان موقعه قرب جبانة المصلّى ودرج القلعة يحتوي على أربعة مخازن جوانية وستة برانية وسبعة دكاكين وبئر ماء وقهوة.

خان رمضان

نسبة إلى مصطفى آغا رمضان. وقد ذكر في السجلات الشرعية باسم “قيسارية” وكان موقعه في محلة أنسي داخل المدينة.

وثيقة خان رمضان

الخان الصغير

كان مكانه في محلة الباشورة قرب باب الدركاه ويشتمل على أربع غرف ودكاكين ويعود لأسعد تابت. [1] وقال شبارو: خان الصغير الذي تحول فيما بعد إلى جزء من ساحة النجمة (بين مبنى البرلمان وساعة العبد) [2] قلت: ربما كان هناك خانان بنفس الإسم.

خان النقاش

عرف أيضاً بخان البرج لقربه من برج الكشاف، وكان لصاحبه حبيب بن الياس النقاش. يحتوي على أبنية ودكاكين وغرف علوية وسفلية وحقوق ومنافع شرعية. عرف فيما بعد بخان حمّانا أو خان المتن ثم قامت على أنقاضه صالة سينما متروبول. ذكر يزبك أن خان النقاش كان قبل الحرب الأولى اسطبلاً لبهائم القرويين الذين يأتون بيروت من طريق النهر وكان فيه مطعم عربي وفي طبقته العليا بضع غرف لنوم المسافرين. وكان الذين يدخلون كراج حمانا يرون أحجار الزاوية الشرقية الجنوبية من بقايا برج الكشاف.

خان قرنفل (خان العطارين)

في سوق العطارين لصاحبه عبد السلام قرنفل. كان يحتوي على عدة دكاكين يملك احدها امين آغا عمر رمضان الذي قام سنة 1864 بوقفها ليشترى من ريعها خبز يفرق على فقراء بيروت الذين لم تسبق لهم عادة بتكفف الناس بالسؤال.

خان الصاغة

كان في سوق البازركان ويحتوي على تسعة دكاكين وثلاثة وعشرين غرفة فوقها بتملك أسعد إسحاق إبراهيم تابت. وكان يحده شرقاً خان الأمير منصور وقبلة جامع الأمير منذر.

تحديد موقع خان الصاغة على خريطة من سنة 1922 لصديقنا الأستاذ جيرار مارتايان

تذكر المصادر أنه في عهد الرومان بالغ اغريبا Marcus Vipsanius Agrippa بتحسين بيروت، فبنى مسرحاً فخماً وملعباً للحيوانات وميداناً للمبارزات على شاطئ البحر قرب ميناء الحسن في موضع كان يعرف بخان الصاغـة.

بعد مقارنتها مع صور قديمة من مطلع القرن العشرين، يقول صديقنا الباحث جيرار مارتايان أن بقايا الخان الظاهرة في مقدمة هذه الصورة من مجموعة Albrt Kahn الملتقطة سنة 1919 هي لخان الصاغة إلى الشمال الشرقي من جامع الأمير منذر (جامع النوفرة).

يذكر أن البعض من أهالي بيروت رأى سنة 1904م الحاجة ماسّة الى إنشاء مدرسة صناعية في بيروت يأوي إليها أولئك الصبيان الذين لا شغل لهم ولا عمل بل يكونون عبئاً على آبائهم ووطنهم، فقرّر مجلس إدارة ولاية بيروت استملاك خان الصاغة في سوق البازركان (سوق العقادين سابقاً) لتأسيس مدرسة صناعية مكانه ثم تقرر أن يكون هذا المكتب في منطقة الرمل (في الجزء من المنطقة الذي سمّي بالصنائع نسبة للمدرسة التي وضع حجر أساسها في أيلول/ سبتمبر 1905). (الفاخوري: “أيام بيروتية” رقم 41).

صورة من سنة 1952 للمصور الصحفي الهولندي Willem Van De Poll. يقول الباحث جيرار مارتايان في رسالة له إلى الجمعية أن المصور يوجه عدسته شمالاً إلى بقايا خان الصاغة المتهاوي وورائه مبنىً عالٍ يطل على شارع ويغان. مسجد الأمير منذر (النوفرة) إلى اليسار (لا يبدو في الصورة) وإلى اليمين مطعم بيدو.

الخان الجديد أو خان البربير

موقعه قرب الجمرك داخل المدينة إلى الغرب منه خان الشونة وإلى شرقه خان الملاحة وكانت مخازنه مستودعاً للتنباك. وكان فيه تجار مال القبان مثل أمين بكداش ويوسف بيضون وعبد الرحمن ومحمد بيهم وتاجر الحبوب محمد سعيد العلواني وتجار الحديد والنحاس ميخائيل جرجس صعب ومحل وردة ونعسان.

خان الأمير منصور

بناه الأمير منصور الشهابي أحد أمراء جبل لبنان من آل شهاب، حكم في الفترة بين 1754 و1770 وتوفي في بيروت سنة 1774 ودفن في جامع الأمير منذر(النوفرة). كان هذا الخان يحتض محلات الخياطين العربي مثل سعيد عطا الله وإسكندر عطا الله.

ورد ذكره في سجل المحكمة الشرعية في بيروت 1286هـ، قضية رقم 194 بما يلي: “في 6 من ذي الحجة سنة 1286هـ تقدم أحمد آغا حمزة وشريكه الياس سلوم (صاحبا خان حمزة وسلوم) بتوسيع باب غرفة لهما في خان الأمير منصور في باطن بيروت، بينما بقية أهالي الخان يعارضون هذا التوسيع. وقد تكونت لجنة للكشف عما ذكر مكونة من السادة: الشيخ إبراهيم أفندي الأحدب، الحاج أحمد الداعوق، الحاج أحمد بن سليمان خليل، الخواجه الياس بن شاهين صباغه، والخواجه حبيب بن ميخائيل المجدلاني. وبعد الكشف على الموقع، رأت اللجنة أن لا ضرر من توسيع باب الغرفة، غير أن مفتي بيروت خالف قرار اللجنة، ورأى أنه ليس من حق أصحاب الخان توسيع باب الغرفة إلا برضى صاحب العلو، كما أنه لا يحق لأهالي الخان الاعتراض إذا لم يكن هناك من شيء مشترك بينهم.”

وثيقة خان الأمير منصور

خان التيان

لصاحبه منصور بطرس التيّان. كان موقعه في حي المقسم قرب برج الكشاف خارج المدينة ويشتمل على أقبية بعضها مسقوف وبعضها معقود فوقها اثنتا عشرة غرفة علوية وفسحتي أرض في الشمالية منها بئر ماء نابع وبقربه خمسة عشر دكاناً وقهوتين فوقهما ثلاث غرف وأربعة مخازن فوقها دار التيان وتحتوي على سبع غرف ومطبخ وفسحة وكشك.

خان الأصفر

أنشأه الخواجه بطرس طنوس الأصفر في المحلة التي كانت تعرف بالدحداح (ساحة الدباس فيما بعد). وبقرب هذا الخان إتخذ طبيب هندي يدعى حسين افندي في ايار 1878مركزاً له في دار يوسف تيان، وانه مشهور في معالجة أمراض العيون وأمراض النساء المانعة للحبل وقد خصص يوم الجمعة للفقراء (ثمرات الفنون آذار 1879م).

كتب المؤرخ عبد اللطيف فاخوري ضمن سلسلة “بيروتيات”: “نشأ نزاع حوله بين بطرس المذكور وجاره حنا خوكاز بسبب ما يحصل من الخان من رائحة روث الدواب والكشف من بعض حجرات الخان على مقر نساء الجار، فجرى الكشف على الخان من قبل نائب القاضي الشيخ إبراهيم الأحدب وأعضاء المجلس الكبير ومدير الأملاك، ثم أجرى القاضي كشفاً حسّياً بنفسه وحقق النظر في إنشائه فوجده غير مضرّ بجاره ضرراً بيّناَ يمنع الإنسان من التصرف بملكه وأن رائحة الروث جزئية جداً لا تصلح لمنع التصرف وقياسها على الدباغة والجزارة والحلالة قياس مع الفارق لأن الخان إذا كان بهذه المثابة فمن يسكنه وينزل به بل المطلوب من الخان أن يكون نظيفاً ليرغب بالنزول فيه، وإن قلنا أن ذلك مضر فيبنى عليه أن كل دار  فيها اصطبل للدواب هي بمنزلة الخان فيقتضي أن يمنع كل جار جاره من ربط حيوانه في داره. وقد رفع سؤال بهذه الدعوى إلى مفتي يافا فأجاب بأنه لا يمنع زيد من بقاء الخان على حاله والأمر ما ذكر لأن هذا ضرر يسير وهو مغتفر…”. (جريدة اللواء، العدد 16464).

ومن أخبار الخان أن باعة الحليب قديماً كانوا يفترشون الأرض في سوق الفشخة (ويغان) ينادون “من بزّ البقرة” بينما كانوا يأتون بالحليب من ضواحي بيروت ، فإذا وصلوا الى نهر بيروت وضعوا ما في نحي (ضرف) في نحيين (لأن شريك الماء لا يخسر) ثم دخلوا البلدة وباعوه . ولما تكرر غشهم حثت الغيرة بعض الأهالي الى الإتيان بقطيع من البقر ليأخذ الزبون حاجته من الحليب ساعة يشاء صافياً وتم وضع القطيع في إسطبل خاصة الخواجات أصفر  على طريق الشام أي في خان الأصفر بساحة الدباس.

خان المزيكة (الموسيقى)

كان موقعه في محلة الحمام الصغير قريباً من باب يعقوب، يحده جنوباً زاروب المبروم في محلة الغربية.

خان الموسيقى (مقتطعة من صورة لـ Bonfils) حوالي 1870.

كان ندره ومتري طرزي وشركاؤهم أول من نقل محله من هذا الخان الى السوق الجميل (سوق الجميل) الذي أنشأه آل بيهم وآل بسترس سنة 1894م في ولاية عبد الخالق نصوحي بك وبتشجيع منه. وقد اشتهر آل طرزي المذكورين بتعاطي تجارة الأشغال الحريرية والتحف الشرقية والخشبية ، وكانوا قبلاً قد أسسوا سنة 1868 محلاً لتجارتهم المشار إليها في الطابق العلوي من قيسارية التوتة  أي خان الحرير في البازركان أو خان المزّيكة ( الموسيقى ) باسم متري وندره طرزي ثم تجدد باسم ندره طرزي وأولاده. وقد رفعوا وسط السوق الجميل لوحة كبيرة تحمل اسم المخزن الشرقي – أندره طرزي وأولاده.

خان الأروام

كان يعرف أيضاً بخان بني بسترس. موقعه في محلة الدباغة ويشتمل على بناء من أحد عشر دكاناً وسبعة مخازن يعلوها اثنان وأربعون غرفة ملك. هذا خان بناه الأمير يوسف، وبعد خروج الجزار من بيروت صار يعرف بخان بسترس.

خان فرج الله

لصاحبه نقولا الياس فرج الله كائن في زقاق الشامية التابع لمحلة ميناء الحسن، ويشتمل على ستة عشر مخزناً ودكاكين من داخله وخارجه.

خان الشرتوني

كان موقعه مكان سينما روكسي جنوبي ساحة البرج.

من أخبار الخان: شاع في أواخر القرن التاسع عشر أن ساحة البرج كانت تضج بالحركة ليلاً وحتى الصباح. وكانت أصوات باعة السحلب والبوظة تملأ الفضاء وتخترق أغشية الآذان، فإذا مرت النساء صاحت الباعة: كل هول بعشرين يا بيضا. كل هول بقمري يا حلوة (القمري نقود نحاسية صغيرة رسم عليها هلال). وإذا مر صبيان صاح بائع البوظة: نصف أوقية بعشرين يا غندور. نصف أوقية بقمري، حوّل صوبي. وصدف في أحد الليالي من سنة 1882، أن مرّ أفراد من الشرطة قرب الخانين (خان الشرتوني وخان محمود أحمد الذي كان مكان سينما دنيا)، فسمعوا غناءً وصف “بالجبلي” فساءهم ذلك وولجوا بباب المكان، وإذا ببعض اللبنانيين ينشدون أبيات “المعنّى” ونهوهم عن الغناء، فردّوا بأنهم غرباء يصرفون قسماً من الليل في مثل هذه التسلية، فهل من حرج على من يغني بالقرب من فراشه؟ فقال رجال الشرطة: إن لم تسكتوا ففي الغد سيجازى صاحب الخان! وتسائل محرر جريدة “التقدم” في حينه عما إذا كان هذا الغناء يبعث على تكدير الراحة في حين أن الخان لا يبعد عن باعة البوظة والسحلب أكثر من عشرين قدماً. (البيارتة للفاخوري ص 493)

خان سّيور

كان موقعه في محلة الصيفي، قبلي بيت خليل سركيس. وكان معداً لنسج الأقمشة.

خان الحلاج

بمحلة الحضرة (الحدرة) في «سوق الحكومة». ورد ذكره في معرض تحرير تركة محمد الشعراوي المصري المتوفى فيه، وكذلك في تحرير تركة الحاج حسين روملي المتوفى فيه أيضاً.

خان الحلاج ويبدو إلى اليسار خان الموسيقى

خان إبراهيم الشدياق

ورد ذكره كخبر في عدد الأول من حزيران/ يونيو 1887 في جريدة ثمرات الفنون بما يلي: “استفدنا من أخبار دائرة البوليس أن الشيخ إرشاد البدوي ورجل آخر يسمى السبع كلاهما من قرية “بحشوش” من لبنان سرقا كمر محمد آغا الحافظ وبه نحو خمسين ليرة وذلك في خان ابراهيم الشدياق فشعر بهما صاحب الخان ولدى اتصال الخبر بدائرة البوليس جرى التحقيق وتبين أن الدراهم المسروقة مع السبع المرقوم واتضح انهما ارتكبا هذه الجريمة.”

خان الزلعوم

كان يعرف سابقاً بخان السيد (خان عبد الفتاح آغا حمادة). أنشأ فيه السادة بحري ونصر فرعاً لمحلهما في الإسكندرية وهو يتعاطى بيع ومشترى جميع الأوراق المالية ولاسيما سندات البنك العقاري المصري نقداُ او بالتقسيط.

خان الشيخ شاهين

في سوق البازركان. كتب الفاخوري: “… في سنة 1888م ذكر وجود معصرة ملك رشيد مصطفى جبر في خان الشيخ شاهين في سوق البازركان نشر صاحبها سنة 1905م إعلاناً بإسم «محمد رشيد جبر صاحب معصرة ساحة الخبز في بيروت» جاء فيه «نعلن للعموم أننا بعد الإتكال عليه تعالى، قد استحضرنا إلى محلنا الشهير في ساحة الخبز مكنة الشغل راحة الحلقوم من أفخر الأجناس وجميع الأشكال، وجعلنا الأسعار بغاية المهاودة. ومن يشرّف يرى كل ما يسرّه من طيبة الجنس ومهاودة الأسعار، وعلى الله الإتكال”. (أوراق بيروتية 30).

خان السادات بيهم

كان يسمى خان السادات اختصاراً، وكان موقعه في محلة الفاخورة في سوق الطويلة وكان يحتوي من داخله على إحدى وثلاثين دكاناً وقهوة وثمانية وثلاثين غرفة، ويتبعه حارتان علويتان وأربعة مخازن وثلاثة دكاكين في سوق الطويلة وسبعة دكاكين في سوق سيور. وهذا الخان كان يسمى أيضاً خان الجرينة وقد حصلت فيه مبارزة سنة 1858 بين أحد ركاب باخرة فرنسية وأحد ملاحيها. وتجاه هذا الخان تم إفتتاح حجرة التجارة نهار الثلاثاء الواقع في 23 حزيران/ يونيو سنة 1887.

خان محمود أحمد

كان بناؤه شرقياً قديماً مستديراً صحنه للحمير والبغال وفوق القناطر غرف للمكارين والنازلين من القرى. حلت مكانه سينما دنيا. ذكره شبارو باسم خان الزهارية. وقد ورد نفس هذا الإسم (الزهارية) في خبر لثمرات الفنون عدد 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1892 هذا نصه: “يوجد فرس من الخيل الجياد من شجرة وجنس عنزة سعد الطوفان بخان الزهارية القديم برسم البيع فمن أحب ذلك فليخابر مستأجر الخان المذكور…”.

خان المحجر (الكرنتينا)

كتب المترجم والمستشرق أوزاب دى سال Eusèbe de Salle سنة 1838: “كان الناس يدخلون إلى بيروت، أول ما يدخلون، عن طريق محجر صحي. وقبل أن يجد مسافرو تلك الأيام ـ على عهد اللوكاندات الأولى ـ فندقاً، كان يؤتى بهم لقضاء أربعين يوماً في هذا المحجر الذي كان عبارة عن خان ونصف سجن. لقد أنشىء هذا المحجر في العام 1834 في المحلة التي عرفت منذ ذلك التاريخ بإسم “محلة الكرنتينا Quarantaine” وكانت يومذاك ضاحية من ضواحي المدينة..”.

مركز الحجر الصحي في الكرنتينا سنة 1900 لأوبنهايم خلال زيارته للمنطقة (تلوين المهندس مازن المر لجمعية تراث بيروت)

خان الأمير أمين

في محلة الغلغول. واشتهر سنة 1897 البيطري مصباح الفيل في معالجة الجياد وكان محله قبالة خان الأمير امين في المحلة المذكورة. تحول فيما بعد إلى كاراج سيارات صيدا والجنوب.

خان شيخ المكارية

كان سوق القطن كان أعظم أسواق بيروت شأناً لمبيع الجملة. وقد حدّّد موقعه بدءاً من مخفر الميناء صعوداً على خط مستقيم بشارع فوش حتى بناء البلدية الثانية (التي عرفت بمبنى المالية القديمة) فيتفرع منه ثلاثة ممرات، أولها عند مدخل جامع الدباغة حيث يتصل بخان شيخ المكارية (حسن الحص) وبوابة الدباغة ومنها الى مدافن الخارجي وصولاً الى ساحة الإتحاد (البرج)، والممران الآخران يبتدئان من بناية البلدية الثانية: واحد للشرق ويدعى سوق الخمامير وزاروب سابا وواحد للغرب يصل سوق القطن بسوق البياطرة ومنه يصل الى شارع (الفشخة) ويغان. (كنعان).

خان سرسق

محدد في بعض الخرائط القديمة ومنها هذه الخريطة (المرفقة إلى اليسار) التي يبدو فيها الخان بإسم Khan Soursouq والتي وصلتني من السيدة May Fatté Davie الدكتورة المحاضرة في جامعة البلمند. كما عمل على تحديده من صورة قديمة صديقنا الباحث جيرار مارتايان بأنه على محور خط سوق النورية شرقاً وأشار إليه بسهم أصفر (الصورة). وكان به أو قربه لوكندة لصاحبها زكي زعرور كما ورد في دليل الأنسي.

خان حمزة وسلّوم

هو خان أحمد آغا حمزة وشريكه الياس سلوم. كان موقعه غربي مقبرة الخارجة عند باب الدباغة. وفيه بنك صباغ (حبيب صباغ وأولاده)، وتجار أموال القبان مثل سليم علي سلام وحسن النعماني وعبد القادر البعلبكي وعبد الرحمن عفرة للقومسيون والشحن.

ورد ذكره في خبر بجريدة “ثمرات الفنون” تاريخ 17 آب/ أغسطس 1875 كما يلي: “بلغنا أنه في يوم الجمعة الماضي وقت صلاتها صعد محمد الإمام الشامي إلى سطوح خان أحمد آغا حمزة عند باب الدباغة وألقى نفسه في البحر فاُخرج منه بدون أن يلحق به أقل ضرر حيث لم ينقص عمله ولم يدن أجله والذي فُهم أن ذلك لاستحقاق مطالب عليه ولا قدرة له على وفائها.” أ.هـ

خانا ثابت وسرسق والزهار

كانا في محلة الباشورة ومعهما بايكة كبيرة وحمام وواحد وعشرين دكاناً شرقها طريق الشام.

صورة من مطلع الخمسينيات للمصور العالمي Willem Van De Poll يبدو فيها أطلال خان بيروتي قديم (خان الصاغة) استطاع صديقنا الباحث جيرار مارتايان تحديد موقعه بدقة بجوار سوق البازركان، منتصف المسافة بين جامع الأمير منذر وشارع المعرض. (مجموعة المصور محفوظة في الأرشيف الوطني الهولندي بمدينة لاهاي)

***

هذه أهم الخانات البيروتية وليست كلها، فهنالك خانات أخرى ذكرتها المصادر بالإسم والموقع فقط مثل خان فارس أفندي الترجمان في محلة الميناء أمام الجمرك وخان سعيد آغا في أول مدخل سوق سرسق وكان يلاصق السرايا القديمة وخان البيض قرب درج رجال الأربعين (أضيف الى البيض لأن الدرج كان يوصل الى خان كان يستعمله باعة البيض والدجاج اسفل كاتدرائية مار جرجس المارونية في شارع الأمير بشير)، وخان في طريق النهر (محلة الجميزة اليوم على الأرجح) لم يرد ذكر إسمه في أي من المراجع سوى ما ذكره القباني في خبر أورده بجريدته “ثمرات الفنون” قال فيه “بعد واحد وستين يوماً سيباع في المزايدة العلنية الخان الكائن في جادة النهر عموم 5286 المحدودة قبلة ملك الخواجه اسكندر سرسق وشرقاً وشمالاً الطريق وغرباً طريق خط الترامواي البخاري وهي ملك أمين دياب المعلوف إلى دائرة بلدية بيروت الموقفة بموجب إعلام حقوقي مؤرخ في 25 نيسان سنة 314 نومرو 6 مبلغ في الصورة القانونية.. إلخ.”.

________

المصادر ومراجع

عبد اللطيف فاخوري: منزول بيروت؛ ط1 (المرجع الرئيسي)

عبد اللطيف فاخوري: ملفات “أيام بيروتية” و”أوراق بيروتية” منشورة بأكملها على هذا الموقع.

عبد اللطيف فاخوري: البيارتة ـ حكايات أمثلهم ووقائع أيامهم. مؤسسة دار الريحاني؛ بيروت. ط1 2009.

عصام شبارو: المطوّل في تاريخ بيروت؛ الجزء الثالث، الفصل الثاني. دار النهضة العربية، بيروت. 2018

حسان حلاق: بيروت المحروسة في العهد العثماني، الدار الجامعية؛ بيروت 1987.

حسان حلاق: العلاقات الاقتصادية والاجتماعية..‘ منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت؛ ط1 2009.

صالح بن يحيى: تاريخ بيروت وأخبار الأمراء البحتريين من بني الغرب. مطبعة الآباء اليسوعيين؛ بيروت؛ 1925

عبد الباسط الأنسي: دليل بيروت تقويم الأقبال سنة 1327هـ 1909-1910م

لويس شيخو: بيروت آثارها وتاريخها، دار المشرق؛ ط3؛ 1993

يوسف إبراهيم يزبك: أوراق لبنانية. مجلد 1. دار الرائد اللبناني؛ بيروت 1983.

سمير قصير: تاريخ بيروت. ترجمة ماري طوق غوش. دار النهار، بيروت؛ ط1؛ 2006. ص 156-157.

داود كنعان: بيروت في التاريخ. مطبعة عون؛ بيروت. 1963.

عبد القادر الريحاوي: العمارة العربية الإسلامية خصائصها و آثارها في سورية. دار البشائر 1999. ص 216-220.

نبيلة القوصي: الخانات في دمشق القديمة. موقع نسيم الشام 2012.

محمد كرد علي: خطط الشام، مكتبة النوري – دمشق؛ ط3 1983، مجلد 2.

تاريخ الأمير حيدر الشهابي؛ تحقيق نظير عبود ومارون رعد. ج4؛ دار نظير عبود؛ 1997.

عبد الله طراد: مختصر تاريخ الاساقفة الذين رقوا مرتبة رئاسة الكهنوت الجليلة في مدينة بيروت؛ دار النهار 2002.

جورج نصر الله البرجي: فنادق وفندقيو بيروت في القرن التاسع عشر. ترجمة د. ميشال أبي فاضل. مطبعة القارح، زغرتا؛ 2012.

Signes de Beyrouth en 1834: Dominique Chevallier. Institut Francais du Proche-Orient. 1972.

Jens Hanssen: Fin de Siècle Beirut: The Making of an Ottoman Provincial Capital. Oxford University Press, 2005.

Badr El-Hage & Samir Moubarak: Beirut 1840-1918 A Visual & Descriptive Portrait; Kutub Publishing 2022; Vol I Chapter VII.

Henri Guys: Relation d’un séjour de plusieurs années à Beyrout et dans le Liban. Librairie française et étrangère, Paris 1847

M. Louis Enault: La Méditerranée ses iles et ses bords; Morizot,, Paris 1863

Eusèbe de Salle: Peregrinations in the East, or Picturesque, Historical and Political Voyage in Egypt, Nubia, Syria, Turkey, Greece during the years 1837-38-39, Edition: Paris: Pagnerre, 1840

.Musee Nicolas Ibrahim Sursock de Beurouth: L’Architecture Libanaise du XVe au XIXe siècle

صور وثائق الخانات من خزانة المؤرخ عبد اللطيف فاخوري مقدمة للجمعية مشكوراً.

***

*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت.

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website