ولدت سلوى محمصاني في بيروت عام 1908 وتلقت علومها في كلية المقاصد الإسلامية للبنات ثم في كلية القديس يوسف للبنات. درست الأدب العربي على يد جوليا طعمة وسلمى الصائغ واللغة العربية على مصطفى الغلاييني عامي 1928-1929. مارست مهنة التعليم فدرّست اللغة العربية وآدابها في مدرسة الزهراء المقاصدية ثم عيّنت مديرة لها ثم في كلية المقاصد الإسلامية للبنات مدة ثلاث عشرة سنة. كانت مدرسة في منطقة رأس النبع في المكان الذي تتواجد فيه ابتدائية علي بن أبي طالب اليوم. في سنة 1920 تحولت إلى مركز تربوي لتعليم البنات غير القادرات على دقع الأقساط المدرسية في كلية البنات المقاصدية في محلة الباشورة، وتولت إدارتها الآنسة سلوى محمصاني. وكانت الهيئة التعليمية تتألف من الشيخ أحمد البربير (دين)، فاطمة نجا (قرآن)، نهى لادقي ويسر غندور وخديجة منيمنة (لغة عربية)، فوزية صقال ونهال مفتي (لغة فرنسية)، خيرية جبيلي (رياضة)، أنيسة جارودي (حساب)، عائشة مرعي (جغرافيا)، غمرة ربعة (اشياء وتدبير المنزل)، مدام موزاسيان (خياطة)، وإيديت مزهر (أشغال يدوية).
تفتحت موهبتها على الكتابة في سن مبكرة، فكتبت أولى مقالاتها في مجلة “المرأة الجديدة” لصاحبتها جوليا طعمة دمشقية، ونشرت في جريدة “السياسة الأسبوعية” التي كان يصدرها الدكتور محمد حسين هيكل في مصر تحت إسم مستعار، ثم مجلة “صوت المرأة” اللبنانية. أصدرت مجموعة قصصية بعنوان “مع الحياة” سنة 1956، ولها مجموعة فصصية مخوطة بعنوان “عبر الدروب”.
تزوجت سنة 1941 من المربي الأستاذ عزيز مومنه صاحب المدرسة العزيزية في محلة البسطة البيروتية. ورغم أنها لم ترزق أولاداً فقد أحبت الصغار وبرعت في تأليف الحكايات الجميلة لهم. قالت عنها إميلي فارس إبراهيم «أما الطابع الغالب على أسلوبها فهو طابع ادخال الخواطر الخاصة في قالب قصة واستخراج العبرة والخروج دومًا بعد التحليل، إلى نتيجة يحس فيها القاريء الكثير من العطف على صغار أو ضحايا مكيدة واستعدادًا للصفح عن أشرار أو طامعين بمغانم، وذلك بصرف النظر عن شروط القصة من حيث الأسلوب أو العقدة أو سياق الحوادث.»
ساهمت سلوى محمصاني في أنشطة حقوقية للمرأة اللبنانية في جمعيات عدة أخصها جامعة نساء لبنان، حيث شغلت منصب أمينة السر ونائبة الرئيسة، وكانت في الهيئة الإدارية لجامعة الهيئات النسائية. واشتركت مع ابتهاج قدورة وشفيقة سلام في «اللجنة النسائية لدار الأيتام الإسلامية»، وكذلك في «رابطة الجمعيات النسائية الخيرية الإسلامية» لأحياء بيروت، وقد بذلت الرابطة، بتوجيه منها، جهودها لتخليص الأحياء العاملة فيها من التخلف الإجتماعي نتيجة الفقر والجهل والمرض، وعملت على رفع مستوى الأسرة بتوجيهها وتدريبها على حسن استثمار طاقاتها المهملة من أجل حياة فضلى. وتعتبر من الرائدات الأوائل للحركة النسائية اللبنانية.
شاركت في عدة مؤتمرات ممثلة المرأة اللبنانية، منها مؤتمر الاتحاد النسائي في الأونسكو عام 1949، حيث مثلت لبنان وألقت محاضرة عنوانها «المرأة في السياسة والاجتماع». انتدبت لتمثيل لبنان أكثر من مرة في اجتماعات حلقة الدراسات التربوية والاجتماعية للشرق الأوسط، منها: مندوبة جامعة الهيئات النسائية في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي العام المنعقد في عاليه عام 1950 وكذلك في بيروت عام 1954.
من أقوالها في ما نشرته في الصحف والمجلات:
“ما من كرامة لأمة إلا بتحرير جميع أفرادها من عقد نفسية تُـشعر أصحابها بالضعة، وبالدونية دون سائر أفراد الشعوب…”
“عندما تسفر الحركات الفكرية عن النهضات الحقيقية، لا يمكن حينئذ للرجعية المتحجرة أن تصمد في طرق معاكستها. إن النهضات لا تقاوم بالأفكار البالية، والأوهام الواهية.”
“… لا يليق بإنسانٍ كريم، ولا بشعب عزيز، أن يتأخر عن أخذ حقه، ولا أن يتركه بأيدي الظالمين”.
“إن شهوة المال في الناس كثيراً ما تكون سبباً في انحرافهم عن العدل، ومضيعةً لإنسانيتهم في مجاهل الإثم”.
“الإنسان الشرير ليس إلا إنساناً أهمله المجتمع فنحدر إلى الجريمة وضاعت إنسانيته”.
لقد كان هدف سلوى محمصاني مومنه إصلاح المجتمع، بدءاً بالفرد، فإذا حرص الفرد على ضبط سلوكه، وتقييد تصرفاته، ووجهها نحو الأكمل والأفضل والأحسن، اقتربنا من المجتمع المنشود.
توفيت صاحبة الترجمة سنة 1957 رحمها الله تعالى.
***
المصادر:
عيسى فتوح: أديبات عربيات؛ مكتبة لبنان ناشرون 2021؛ ج1
أملي فارس ابراهيم: أديبات لبنانيات. دار الريحاني للطباعة والنشر؛ بيروت.
أديب مصطفى قدورة: حقائق ومواقف.
الأعلام للزركلي ج3 ص 115
عصام شبارو، جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، ص 76
محاضر جلسات جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت: البيان السنوي العام 1933-1934 ص 10.
ويكيبيديا > سلوى محمصاني مومنه
________
*مؤسس/ رئيس جمعية تراثنا بيروت
ملف: “عقد الياقوت في تراجم أعلام بيروت” 17