قررت البحرية الأمريكية في أواخر أغسطس 1914 , إرسال السفينة الحربية “يو أس أس نورث كارولينا” إلى شرق البحر الأبيض المتوسط, في إجراء وقائي لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة التي كانت تشهد حصارا جائرا وصارما من قبل الحلفاء (الفرنسيين والانكليز) ضد الموانىء العثمانية. هذا الحصار ساهم في انهيار الأوضاع الصحية و الاقتصادية وحصول مجاعة في لبنان وسوريا وفلسطين.
ارادت السلطات الأميركية التي كانت محايدة في هذا الصراع, ومن خلال وجود بارجتها, تهدئة ودحض المزاعم عن مصادرة العثمانيين للبضائع والممتلكات, وثانيا, تسليم مساعدات مالية إلى المؤسسات الأمريكية في البلاد العثمانية في ازمير وبيروت التي كانت تعاني من نقص كبير في الأموال, إضافة الى احتمال نقل المواطنين الأميركيين الى أماكن أخرى عند الضرورة.
وجود السفينة الحربية الأميركية “يو أس أس نورث كارولينا” وتحركاتها باستمرار بين يافا وبيروت والإسكندرية بمصر لم يمر بهدوء, فقد اتهمتها السلطات العثمانية بإرسال إشارات إلى سفينة معادية, و كان الرد الأميركي بأن هذه الاجراءات الروتينية والإشارات هي محض مجاملة بحرية من سفينة أخرى استقبلتها بارجتهم, ولا تشكل أي عمل عدائي.
تكرر هذه الإشارات, دعا السلطات العثمانية التي سئمت على ما يبدو من تذكير البحرية الأمريكية بحقوقها وواجباتها باعتبارها محايدة, الى نشر مجموعة من لوائح الانظمة الجديدة التي تحدد لسفن الدول المحايدة طريقة التصرف داخل الموانئ العثمانية, ومنها:
– عدم السماح لأي شخص من أي سفينة أمريكية بالنزول من سفنها.
– عدم السماح بتبادل رسائل من السفن الأمريكية إلا عبر مكتب البريد االعثماني.
– عدم السماح لأي شخص بركوب السفن الأمريكية باستثناء القنصل العام الأميركي.
عكست هذه الإجراءات الحديدة والمراسلات التي حصلت بين الطرفين بين تموز\يوليو وآب \أغسطس 1915 تحولًا ملموسًا ومناخا سياسيا متوترا في العلاقة بين السلطات العثمانية والأمريكيين, و وصل في أيلول \سبتمبر من العام نفسه الى اصدار الخارجية العثمانية اعلانا “يمنع السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للدول المحايدة بزيارة السواحل العثمانية المحاصرة”.
________
*باحث في التاريخ/ عضو جمعية تراثنا بيروت