ركب “هنري ستافورد اوزبورن” السفينة في نيويورك, و انطلق في رحلة قاصدا ميناء بيروت, وهو يأمل من هذه الرحلة الطويلة و المرهقة ان تشفي غليله ونهمه لمعرفة كل ما في ذلك الشرق البعيد, والذي احتضن خلال ازمنته وعبر امكنته, ظهور الكتب المقدسة وتفاصيل احداثها.
جزم “اوزبورن” في تعليل أسباب رحلته ان المصنفات والمراجع المصفوفة على ارفف المكتبات, ليست هي المصدر الوحيد لمعرفة الحقيقة, بل السفر و الترحال و معاينة الواقع حيث يوجد, ومؤكدا في لفتة خاصة, ان الترتيب الطبيعي للسفر الى فلسطين يبدأ من بيروت.
رسم “اوزبورن” المشهد التي رأه بعينيه مع اقتراب السفينة من شاطئ بيروت و وصفه ليمتّعنا بالتالي:”إلى أقصى اليمين, يرتفع موقع المدينة فوق الشاطئ, و يتزيّن بخضرة أشجار التوت ونباتات الصبّار. وعلاوة على ذلك ، تتجمع بيوت السكان التي تشبه المكعبات لتصبح على مرمى البصر, وتظهر الاسوار والصروح المتهالكة, مع مئذنتين ، وسواري الاعلام التي تدل على مساكن قناصل الدول الأجنبية.
وفي وسط المنظر, ترتفع تلال بيروت عاليا, و نرى بالمنظار المكبّر ما يدل على اللطافة والاناقة لهذه المدينة, وتكشف الشرفات ذات الأقواس العربية, والممرات الممتعة, أو بعض الأماكن المزدحمة, فكرة عن الجمال الذي يدلّل نفسه, ويثير قلب المرء في أرض مجهولة ووسط أصوات ومشاهد غريبة”.
الصورة لمنظر بيروت كما رأها “اوزبورن” من البحر, من كتاب “هنري ستافورد اوزبورن” وعنوانه :”فلسطين – الماضي والحاضر” الذي صدر في عام 1859.
________
*باحث في التاريخ/ عضو جمعية تراثنا بيروت