ومضات من تاريخ بيروت (2)

مجلس والي بيروت سنة 1827
زكريا الغول*

قصور بيروت في القرن التاسع عشر

إثر خروج بيروت من الحكم المصري ، وتوسعها خارج السور القديم ، لتشمل مناطق وأحياء كانت تقع خارج إطار ذلك السوق ، شهدت تلك المناطق والأحياء تشييد قصور مميزة من ناحية عمارتها وجمالها ومن تلك القصور التي شيدت خلال القرن التاسع عشر نذكر :

  1. قصر سرسق في الأشرفية:

يعتبر هذا القصر من أكبر القصور وأجملها ،وقد بناه موسى سرسق في العام 1850 ، في حي متفرع من من شارع الجميزة ، وقد حمل ذلك الشارع إسم عائلة سرسق فيما بعد .

يحتوي هذا القصر على مجموعة مميزة من التحف والسجاد واللوحات ، وهو مازال حتى الآن من اهم القصور الموجودة في مدينة بيروت واجملها .

  • قصر آل سلام في المصيطبة :

ما إن إنتقل علي عبد الجليل سلام الى منطقة المصيطبة ، حتى بنى قصرا” مقابل قصر محمد بيهم ، وقد بدأ بناء القصر في العام 1853 ، وإنتقل القصر لاحقا” الى إبنه علي بعد وفاة عبد الجليل .

كان قصر آل سلام في المصيطبة شاهدا” على احداث مهمة رافقت ولادة دولة لبنان الكبير ، وفي العام 1938 ،بعد وفاة علي سلام إنتقل القصر الى الرئيس صائب سلام ، وتحول القصر الى حركة سياسية وشعبية لا تهدأ إرتباطا” بزعامة الرئيس سلام الإستثنائية ، والقصر ذو طابع عربي ويخضع حاليا” للترميم .

  • قصر عبدالله بيهم:

بنى عبدالله بيهم قصره في منطقة باب إدريس عام 1850 ، وهو كان من كبار التجار ، وكان يعتبر من أجمل القصور البيروتية ، وشهد القصر أحداثا” هامة منها إستقبال الأمير عبد القادر الجزائري .

  • قصر عبد القادر:

تم بناء هذا القصر في منطقة زقاق البلاط عام 1860 ، وقد إتخذت منه البعثة الفرنسية العلمانية مركزا” لها ، وبجانبه تم بناء مدرسة عرفت بإسم الليسيه عبد القادر ، وفي العام 1985 إشترى الرئيس الشهيد رفيق الحريري القصر وقام بترميمه واصبح يستعمل كمكاتب إدارية لمدرسة الليسيه عبد القادر .

  • قصر القنطاري:

تم بناء هذا القصر على يد حنا حنين ، ثم إنتقل الى نسيبه درويش حداد بالمصاهرة وإكتمل بناء القصر في العام 1890 ، وفي العام 1925 إنتقل القصر الى ملكية إبنة درويش حداد زوجة فؤاد الخوري ، وإتخذته الشركة الفرنسية لسكة الحديد مقرا” لها لاحقا” .

إنتقل الرئيس بشارة الخوري الى قصر القنطاري عام 1939 بناء على دعوة شقيقه فؤاد ، وبعد إنتخابه رئيسا” عام 1943 إتخذ من القصر مقرا” له وأصبح من ذلك الوقت يعرف بقصر القنطاري .

وعرف هذا القصر أحداثا” هامة لاحقا” إبان نهاية ولاية الرئيس بشارة الخوري ، كما عرف أحداثا” كبرى أثناء ولاية الرئيس كمال شمعون .

بيروت كانت مدينة متطورة في القرن التاسع عشر ، وظهر أثر ذلك في إنتشار القصور ، التي أكدت ان هذه المدينة هي في الطريق لتصبح وتبقى سيدة بين العواصم .

**

أدراج بيروت

إشتهرت بيروت قديما” بأدراجها الحجرية ، والتي إنتشرت في كثير من أحياء المدينة ، خاصة أن عديد من تلك الأحياء هي عبارة عن تلال ، وكانت تلك الأدراج هي أداة الربط بين تلك الأحياء والزواريب بعضها ببعض .
ومن الأدراج المشهورة في بيروت نذكر:

  1. درج عين المريسة:

من أشهر أدراج بيروت ، يتألف من ثمان وسبعين درجة ، يربط بين شارعي جورج بوست وجون كينيدي ، من الأدراج القليلة التي لا تزال قائمة حتى تاريخه .

  • درج الأميركان :

كان يقع بالقرب من بوابة يعقوب غرب ساحة عصور ، كان يعرف بإسم درج بوابة يعقوب ثم حمل إسم درج الأميركان بسبب وجود الإرسالية الإنجيلية الأميريكية قربه ، كان يعتبر من أوسع الأدراج .

في العام 1957 أزيل الدرج وتم تحويله الى طلعة معبدة ، وذلك بعد إنشاء تمثال الرئيس رياض الصلح .

  • درج شارع المصارف:

يبلغ عرضه واحد وثلاثون مترا” ، ويؤدي الى شارع المصارف ، ويتألف من خمس وخمسين درجة حجرية ويتخلل كل إحدى عشرة منها مصطبة فسيحة .

  • درج مار نقولا:

هو أطول درج في بيروت ، ويصل شارع غورو بشارع سرسق ، ويتألف من مئتي درجة تقريبا” ، وفي فترة ما بعد الحرب أصبح يعرف بإسم درج الفن بعد أن كان يعرف سابقا” بإسم درج القبضايات .

  • أدراج البسطة:

تم إنشاء عديد من الأدراج لتصل بين البسطة التحتا والبسطة الفوقا ، تسهيلا” للوصول الى الزواريب القائمة في المنطقة ، وفي البسطة حاليا” درج يتألف من إثنين وعشرين درجة وعرضه سبعة أمتار ، كما يوجد درج آخر يتألف من سبعة عشر درجة وعرضه أربعة أمتار .

  • درج القلعة:

يقع في منطقة رأس بيروت ، وتحديدا” قرب المكان الذي أقيم فيه سجن القلعة أيام الإنتداب الفرنسي ، قامت بلدية بيروت بإعادة ترميمه فأصبح يضم درجين متقابلين .

كانت تلك الأدراج صلة الربط بين أحياء وزواريب بيروت القديمة ، وأضفت الى بيروت ظاهرة جمالية توازي كبرى المدن الأوروبية المشهورة بأدراجها ولا تزال الأدراج الموجودة تعطي المدينة رونقا” خاصا” لتجعل منها سيدة بين العواصم .

**

الإنتخابات النيابية في ولاية بيروت عام 1908

بعد الإنقلاب الذي قامت به جمعية الإتحاد والترقي ، جرى إكراه السلطان عبد الحميد الثاني ،على إعلان إعادة العمل بدستور مدحت باشا وإجراء إنتخابات مجلس المبعوثان ( الإنتخابات النيابية) .

جرت الإنتخابات وفاز عن ولاية بيروت وأقضيتها الثلاث : صيدا وصور ومرجعيون ، كل من رضا الصلح ( والد الرئيس رياض الصلح) وسليمان البستاني ، وقد فرح أهالي بيروت بنتيجة تلك الإنتخابات ، وقاموا بإستقبال السجناء السياسيين الذين أطلق سراحهم ، كما قامت تظاهرات وإحتفالات إحتفالا” بإعادة العمل بالدستور ، لكن إعادة العمل بالدستور شكلت نقطة تحول ، كونها ساهمت في تفكيك الدولة العثمانية بدل تدعيمها ، خاصة بعد تصاعد الروح القومية العربية ، في مواجهة سياسة التتريك التي إعتمدها الإتحاديون ( الإتحاد والترقي) .

**

إنتخبات مخاتير بيروت في العام 1921

بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى ، ودخول لبنان تحت وصاية فرنسية متمثلة بالإنتداب ، قام الفرنسيون بإجراء إنتخابات لمخاتير بيروت ، ففي الخامس من أذار عام 1921 ، أرسل الحاكم الفرنسي إشعارا” حدد فيه مكان الإنتخاب ، وهو مخفر زقاق البلاط ، وتاريخه الخميس 10 أذار ، وكان هذا اليوم مخصص لإنتخاب مخاتير الروم الأرثوذكس ومختار للسنة ، وحدد سن الإقتراع بعمر العشرين كحد ادنى .

ونص الإعلان على الأتي :” بموجب التقسيمات الجديدة في مدينة بيروت ، إنتخاب مختار أول روم ومختار ثاني مسلم وخمسة أعضاء لمحلة المصيطبة المحدودة شمالا” : شارع الأليانس ، ثم بطريق مارالياس ،شارع عثمان بن عفان ، شارع بعلبك . وشرقا” : قسم من مارالياس الواقع بين شارع الأليانس وشارع عثمان بن عفان ، شارع الشيخ أحمد حسن طبارة ، وشارع أبو بكر الصديق ، لحدود لبنان الصغير . جنوبا” : حدود لبنان الصغير ، جهة البحر المتوسط ، شارع فردان وشارع بوردو .

لذلك ينبغي على اهالي وسكان المحلة المذكورة من كافة الملل ، أن يحضروا يوم الخميس المصادف في 10 أذار سنة 1921 من الساعة 2 الى الساعة 5 في مخفر بوليس زقاق البلاط لإجراء الإنتخاب المذكور . ومن يتخلف عن الحضور في الوقت المعين يسقط حقه بالتصويت وفقا” للمادة الثانية من تعليمات إنتخاب المختارين وهيئة الإختيارية .

وعلى الناخب والمنتخب أن يكونا من سكان المحلة نفسها ، تجاوز عمر كل منهما العشرين سنة ، ويدفع للحكومة ، قليلا” أو كثيرا” ، ويحسن القراءة والكتابة ، وله إلمام في الأعمال الأربعة الحسابية ، وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والحيثية .

فعليه ، ولكي تكون الكيفية معلومة لدى العموم ، صار تحرير هذا الإشعار بثماني نسخ لتعلق في محل إجتماع الأهالي في المنطقة المذكورة ، وإعادة أحدها إلينا مبلغة من طرف إمام أو رئيس روحي ، والمختار الحالي وهيئة الإختيارية .

في 5 مارس (اذار) سنة 1921 “

جرت الإنتخابات في سائر مناطق بيروت ، وظهرت النتائج في صحف بيروت ، وكانت النتائج كالتالي: خليل سعادة وأحمد الديه في زقاق البلاط وخليل بطرس في المصيطبة ، نعمة ربيز وسعد الدين قيسي في المزرعة ، مصباح رمضان وصالح الجيزي في محلة البور ( المرفأ) ، محمد المالوجي وانطوان قيومجي في ميناء الحصن ، عبد اللطيف عيتاني ونقولا بخغازي في رأس بيروت ، وحنا عبده وأنطوان سيلي في الرميل ، وعبد الرحمن بيضون وإلياس أبو الروس في الأشرفية .

________

*محامً ومحلل سياسي. ماجستير في التاريخ/ عضو جمعية تراث بيروت.

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website