كلمة جمعية تراثنا بيروت في ندوة كتاب “ذاكرة الجرح والحصار”

زياد دندن*

أهلاً بكم في هذه الندوةِ التي دعت لها جمعيّةُ تراثنا بيروت، بهدفِ تسليطِ الضؤ على مرحلةٍ عاشها البيارتة وسكانُ بيروت من كلّ لبنان.

 إنه وبعد أربعين عاماً ، تصدر الطبعة الثانية من كتاب الدكتور هاشم الأيوبي عن يوميات الإجتياح الصهيوني لبيروت وقبل ذلك حصارِها ولغاية احتلالِها لمدة أيام، أذاقت المقاومة الوطنية لأهل بيروت العدوَ الغاصب، أصناف العذاب وكلّ اوجه العداء، مما دفعه للإستغاثة والنداء بعدم إطلاق النار ف”إننا منسحبون”.

عايشت تلك المرحلة، كما عايشها كثيرون من أهلنا الصامدين المقاومين، وأصابني وأصاب عائلتي من أهوالها ما أصابنا، وكان لي شرفَ أن أكونَ على ثغرٍ من ثغور المقاومةِ والصمود من خلال عملي مذيعاً في إذاعة صوت لبنان العربي، ووأحداً من الأصوات التي كانت تصدح بما كان يخطّه فكرُ وقلمُ الدكتور هاشم الأيوبي من منطلقات وطنية تحث على الإباء والصمود وتحدي المخاطر على جسامتها وتحمّلِ شظف العيش تحت الحصار المحكم، حتى بتنا نتقاسم كسرات الخبز مع قليل من المتوافر من مأكولات تعيننا على الإستمرار.

جانب من الحضور

يومياتٌ خَطَّت العناوينَ العريضة لكلِّ يومٍ من أيام الاجتياحِ والحصار، بما فيها من جرائمَ حربٍ ارتكبها العدوُ الغاشم بحقِّ الأبرياء من أهلِ وسكانِ بيروت، وقساوةِ مشهدِ الجرحى والمهجّرين، وفراغِ بيروت شبهِ الكامل من ساكنيها، بتنا نتجوّل بشوارعها يعتمرنا شعورٌ بأننا حرّاسُ تلك البيوت الخاوية الحزينة، وبلسمُ شُرفاتِها وحدائقِها التي ذبُلت ورودُها، شعورٌ بالفخر والعزّة ممزوجٌ بالحزن والأسى… ولكن سرعان ما يغلبُه العنفوان بأنّك تواجه عدوّاً غاصباً وآلةً حربيّة مجرمة، يدينها العالم الحرّ، وينصف ضحاياها مهما طال الزمن.

لن تدخلوا بيروت… هكذا كنّا نخاطبُ العدوَ المحاصِر الذي أوقفته مقاومةٌ أهلِ بيروت ثلاثةَ أشهرٍ عند تخومِها الجنوبيةِ والشرقية، ولم تبخل يوماً بتقديم أغلى التضحيات من أبنائِها البواسل رحمهم الله وأثابهم عنّا جناتِ الخلدِ نزلا.

نحن في جمعيّة تراثنا بيروت تعاهدنا عدمَ التعاطي بالسياسة والدخولِ في زواريبِها النتنة، وعدمَ التبعيّة لأيٍّ من رموزها مهما كانت الضغوطات والأعباء، لذلك ارتأينا أن تناولَ تلك المرحلة من تاريخ بيروت الحديث، سيكون بمثابة تعريفٍ وتوثيقٍ للأجيال الشابّة من أبنائنا وبناتنا، لتضحيات أهلِهِم في مقاومة المحتل، كلّ محتل، وليكون ذلك حافزاً لنا كي نتوحّد على حبّ بيروتنا التي نريد، وليس تلك البيروت التي يحاولون اليومَ محوَ تاريخِها، وطمسَ هويّتِها العربيةِ العروبية.

شكراً دكتور الأمير هاشم الأيوبي، وبورك فكرك وسلمت يمينك بما خطّت من يوميات تلك المرحلة التي حواها مؤلفُكم.

***

عقدت الندوة في نادي متخرجي المقاصد الخيرية الإسلامية، بيروت

الخميس 22 أيلول/ سبتمبر 2022

________

*إعلامي ومنتج/ نائب رئيس جمعية تراثنا بيروت

error: Copyrighted Material! You cannot copy any content from this website