تصادف اليوم الذكرى الحادية عشرة بعد المئة (111) للقصف المفاجئ الذي تعرضت له بيروت من جانب البحرية الإيطالية صباح 24 شباط 1912.
فبعد توجيه إنذار إلى والي بيروت (وكان حينها حازم بك) بتسليم قطعتين من الأسطول العثماني (عون الله وأنقرة) كانتا راسيتين في مرفأ المدينة، لم يترك فيه الإيطاليون مجالا كافيا لاستلام الردّ، قامت الدارعة غاريبالدي (Garibaldi) تساندها فرانشيسكو فيروتشو (Francesco Ferruccio) بإطلاق القذائف موقعة ما بين 54 و 66 قتيلا من سكان المدينة، ما عدا الجنود العثمانيين المتواجدين على متن عون الله وأنقرة اللتين تمّ إغراقهما، حيث تمّ إحصاء ما لا يقلّ عن خمسين قتيلا.
تضرّرت بفعل القصف مباني البنك العثماني والجمرك ومكتب السكة الحديدية ومبانٍ سكنية بعيدة عن المرفأ حيث سقطت بعض القذائف “الطائشة” في محلة القنطاري مثيرة الرعب بين المدنيين. غير أن معظم الضحايا من البيروتيين (من آل بوجي، الأسطة، أبو النصر، منيمنة، عيتاني، دريان، حمادة، الحص، الحلبي وغيرهم) سقطوا بسبب توجههم إلى محلة المرفإ بدلا من الابتعاد عنها.
عثرنا في الأرشيف الإيطالي للدوريات القديمة على نسخة من “المجلة البحرية” (Rivista Nautica) وفيها تقرير عن الرواية الإيطالية للهجوم من ضمن العمليات الحربية التي قام بها الإسطول الملكي الإيطالي في حرب الاستيلاء على ليبيا والتي كانت معركة بيروت جزءًا منها. التقرير لا يذكر بالطبع سقوط عشرات المدنيين رغم الأوامر بعدم التعرّض للمدينة.
في النهاية، نذكر أنّ الدارعة الإيطالية غاريبالدي المسؤولة عن القسم الأكبر من الخسائر البشرية والمادية والتي كانت بإمرة ماتيا جافوتّو (Mattia Giavotto) أغرقتها غواصة نمساوية بعد ثلاث سنوات، أي خلال الحرب العالمية الأولى.
________
*كاتب وصحفي وباحث/ عضو جمعية تراثنا بيروت.